خطب الجمعة

مصارع الظالمين في ذكرى عاشوراء

خطبة يوم الجمعة 6/1/1441 الموافق 6/9/2019

1ـ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: {ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشّهر، يعني رمضان} وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان، فلما افترض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه} وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: {أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلا ًمن أسلم أن أذّن في النّاس أنّ من أكل فليصم بقيّة يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإنّ اليوم يوم عاشوراء} وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله} قال ابن القيم: “إن قيل: لمَ كان عاشوراء يكفِّر سنة، ويوم عرفة يكفِّر سنتين؟ قيل: فيه وجهان:

أحدهما: أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام، بخلاف عاشوراء.

الثاني: أن صوم يوم عرفة من خصائص شرعنا بخلاف عاشوراء، فضوعف ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

2ـ إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بصيام يوم عاشوراء تأكيداً لإيماننا ـ معشر المسلمين ـ بالرسل أجمعين ((لا نفرق بين أحد من رسله)) فنحن نصوم شكراً لله الذي أنجى موسى النبي الكليم، والرسول الكريم، وأهلك فرعون الشيطان المريد والطاغية اللئيم.

3ـ وقد ذكر ربنا سبحانه قصة فرعون في سبع وعشرين سورة من القرآن، في البقرة وآل عمران والأعراف والأنفال ويونس وهود وإبراهيم والإسراء وطه والمؤمنون والشعراء والنمل والقصص والعنكبوت وص وغافر والزخرف والدخان وق والذاريات والقمر والتحريم والحاقة والمزمل والنازعات والبروج والفجر، وحين نستعرض سمات الطاغية من خلال تلك النصوص نعرف ملامح الطاغية وصور طغيانه، ومن هم أصحاب النهج الفرعوني مهما تغير الزمان والمكان؛ ومهما اختلفت العناوين والشعارات؛ فإن فرعون ليس شخصاً قد مضى زمانه وولى أوانه، بل نهج يتكرر وصورة تتجدد، وأبرز هذه السمات:

أولاً: أنه يحكم بغير ما أنزل الله عز وجل ويجعل من نفسه معبوداً من دون الله عز وجل يتحكم بالناس، ويأمرهم أن يطيعوه، ويشرع لهم ما يراه متفقاً مع أهوائه ومصلحته ويدَّعي أنه الخير لهم. ((وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا المَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الكَاذِبِينَ)) ثانياً: هو يحكم جماعة من الهمج الرعاع الذين يتبعون كل ناعق، ويصدقون كل قائل، خاضعون للطاغية، ساكتون عن مظالمه، خائفون من سطوته وجبروته، منكبُّون على الأمور المادية، والمنافع الدنيوية، غافلون عن آخرتهم مما يجعلهم مستعبدين للظالم وأتباعاً للطاغية كما فعل أتباع فرعون وقومه {فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين} {إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين}

ثالثاً: أنه يفتخر بما يملك من مال، أو قوة، أو ملك، أو تقدُّم مادي وينسى مصدر ذلك كله، وينسبه لنفسه معتمداً على حب الناس لمتاع الدنيا، ولذلك افتخر فرعون بأنه يملك الأرض الخضراء، ولديه الماء والأنهار والسلطان ((وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)) وهذا الادعاء ناتج عن الغرور بما أعطاه الله من الملك والمال والقوة والنعيم، والحاشية والأتباع.

ولذلك عندما أراد أن يقنع قومه بأنه المعبود لهم من دون الله، وأن دعوة موسى عليه السلام لا تنفعهم ولا تفيدهم، استخدم هذا الأمر الذي يملك أفئدتهم، ويسدُّ عليهم طريق الهدى فقال ((فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ))

رابعاً: الطغاة ينكرون الغيبيات ويعادونها؛ لأن ذلك يتعارض مع ما يريدون ولأن إيمان الناس بالغيب يحررهم من أسر العبودية لجبروت الظالمين، ويفسح أمامهم النظر في ملكوت الله عز وجل فيعرفون أن هناك مالكاً قديراً مدبراً سميعاً بصيراً مريدا، وأن هؤلاء الطغاة بشر مخلوقون مثلهم، انحرفوا عن شرع الله وتجبَّروا وظلموا، وأنهم سوف يمضون بعد حين ليواجهوا مصير العذاب؛ لأن الله وحده يملك المصير، ويملك الموت والحياة ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ العِقَابِ))

خامساً: أنه يكذِّب بآيات الله، ويعادي الرسل والدعاة وأولياء الله عز وجل، وينكِّل بهم، ويرميهم بشتى التهم والأباطيل ((ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُّجْرِمِينَ * فَلَمَّا جَاءَهُمُ الحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ * قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ)) ولا تنفع الوسيلة الليِّنة، والخطاب الشفوق مع الطاغية؛ لأنه متجبر لا يصغي لغير نفسه

ها هو موسى وهارون عليهما السلام يخاطبان فرعون بالخطاب اللين الرشيد، ولكنه تجبر وتكبر، وأرعد وأزبد، وهدد كل الخارجين على سلطانه ))اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)) ثم إن الطاغية لا يستمع للبرهان القاطع، ولا يصغي للحجة المقنعة ولا يفهم معنى الآيات الدالات والمعجزات الباهرات، بل يقابل ذلك بالتجبر والتهديد، ورمي أولياء الله بشتى التهم كما فعل فرعون عندما حاجَّه موسى وبيَّن له أن الله المعبود حقيقة هو الخالق المدبِّر ((قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)) ((قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العَالَمِينَ)) ((قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ)) ((قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ)) ((قَالَ رَبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)) فماذا كان رد فرعون عندما واجهه موسى عليه السلام بهذه الحجج التي لا يملك ردها؟  لقد هدده وتوعده فقال ((قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ)) ولكن موسى لم يَخَفْ هذا التهديد، بل قدَّم لفرعون الآية تلو الآية لعله يخشى ويعود إلى الحق ((فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ)) وظلت الآيات تترا واحدة إثر أخرى، والطاغية لا يستمع ولا يرعوي حتى أهلكه الله وقومه الظالمين، ونجَّى موسى وقومه المؤمنين

سادساً: والطاغية يلجأ إلى كل المحاولات الظالمة للتنكيل بالمعارضين والبطش بالدعاة إلى الله، ولا يمنعه شيء من ارتكاب كل جريمة مهما بدت منافية للخلق والمنطق ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ * وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الفَسَادَ))

والله لهؤلاء بالمرصاد للطاغية وأعوانه ولكل من يشايعه ويخضع له ((فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُم مِّنَ المَقْبُوحِينَ))

4ـ ضرب الله لنا أمثلة رائعة من إنكار المنكر والتبرؤ من الطغيان والطاغية والخروج عن طغيانه، وعدم الاكتراث بما يحل بالمنكرين والمتبرئين من أذى في الحياة؛ لأن ما عند الله خير وأبقى.

أـ فهذه امرأة فرعون وهي أقرب الناس إليه تتبرأ منه، وتكشف باطله وتدعو الله عز وجل أن يبدلها الجنة، ويورثها المغفرة بدلاً مما هي فيه، لم تخش جبروت الطاغية ولم تضللها أكاذيبه، ولم تغرها الأبهة والملك والجبروت والزينة في الدنيا ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ))

ب ـ وهذا العبد المؤمن الصالح الذي كان يكتم إيمانه، وبدأ يدعو قومه إلى الله تعالى ويذكرهم بتاريخ السالفين ممن عتوا عن أمر ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد.

ج. وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسـلم مثلاً بماشطة ابنة فرعون تلك التي لم يخفها الجبروت ولم تحن رأسها للظلم بل صدعت بالحق واتبعت الهدى، فأجرى الله لها تلك الكرامة العجيبة، روى الإمام أحمد في المسند عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا”. قَالَ: “قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللهِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللهُ. قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَاهَا، فَقَالَ: يَا فُلانَةُ، وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ. فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلادُهَا فِيهَا، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَتَدْفِنَنَا. قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الحَقِّ “. قَالَ: ” فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَاحِدًا وَاحِدًا، إِلَى أَنِ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ، كَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّهْ، اقْتَحِمِي، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، فَاقْتَحَمَتْ” قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: “تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ”

الخطبة الثانية

قد أعلن بالأمس تشكيل مجلس الوزراء من أسماء ذكرت بعد مخاض عسير ناتج عن تزاحم الناس على الكراسي وحرصهم على أبهة الملك والسلطان، ومهما يكن من أمر فإننا نرجو لأهلنا وبلادنا أن يجعل الله مستقبل أيامهم خيراً من ماضيها، وأن يجري الخير على يد من شاء من عباده، وعلى هؤلاء الوزراء ورئيسهم أن يعلموا أن المهمة العظيمة التي ينبغي لهم أن يضطلعوا بها هي أن يعملوا على حل المشكلات وفك الأزمات التي أخذت بخناق البلد وأهله، وكدرت صفوهم وعسرت معايشهم وأحالت الحياة جحيماً لا يطاق، هذه هي المشاكل التي من أجلها ثار الناس واحتجوا، أملاً في عيش كريم وحياة واعدة.

إني قائل هذا الكلام لأن ناساً يريدون سريعاً أن يفرضوا أيدلوجيتهم ورؤاهم العمياء على الناس، بعدما أقروا تلك الوثيقة الدستورية الظالمة التي خلت من النص على دين الدولة ومصدر تشريعاتها، نجد بعض المغمورين ممن طفا على السطح في هذه الأيام وهو لا يكاد يبين يتحدث عن أنه سيعمل على جعل شهادة المرأة مساوية لشهادة الرجل ويحرر الناس من الموروثات القديمة!! {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} وتجد آخر في جامعة بمدني يصدر منشوراً يمنع فيه ارتداء العباءة والنقاب في كليته، ويلزم الطالبات بالإسكيرت والبلوزة!! نقول: سبحان الله أين الشعارات التي رفعت: حرية سلام وعدالة، أين الحرية في منع زي وفرض آخر؟ أين الحرية في حمل الناس على خلاف ما يعتقدون؟ أين الحرية في إجبار الناس على ترك ما يرونه من أسس دينهم وعنوان هويتهم؟ ألمثل هذا خرج الناس محتجين؟ أمن أجل هذا سالت الدماء؟ اللهم لا. لكن بعض الناس يعلم يقيناً أنه مرفوض وأن فلسفته قد عفا عليها الزمن وأن الطواغيت الذين يؤلهونهم قد نبذتهم شعوبهم وكفرت بهم أممهم، لكن هؤلاء رجعيون ظلاميون متخلفون يريدون أن يحكموا بشرع ماركس الذي كفر به أهله، وبطغيان لينين الذي حطمت تماثيله في موطنه.

وإني قائل لهم: لا تستفزوا الناس في دينهم، ولا تثيروا على الناس شراً؛ فإن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى