الجنايات

حكومة عدل

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فضيلة شيخنا المبارك، أما بعد

فلا يخفى على شريف علمكم أن الشارع قد جعل لكل نقص جبرا؛ وذلك حتى لا تذهب الجناية هدرا؛ فإذا لم يجب القصاص – كما في حالة الجناية بالخطأ – أو سقط القصاص لسبب ما، وجب الأرش بحسب نوع الجناية؛ فإذا جاء فيه نص بسهم معين التزم فيه ذلك؛ كما في الحديث الذي أخرجه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم والدارقطني في كتابه صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن: (فِي الرِّجْل الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الإْبِل، وَفِي كُل أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ أَوِ الرِّجْل عَشَرَةٌ مِنَ الإْبِل، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإْبِل، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإْبِل) الْحَدِيثَ.

فَإِذَا كَانَ الْفَائِتُ بِالْجِنَايَةِ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْكَمَال، أَوْ زَال بِهَا جَمَالٌ مَقْصُودٌ، كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا دِيَةً كَامِلَةً. فَإِذَا تَعَدَّدَ الْعُضْوُ مَرَّتَيْنِ فِي جِسْمِ الإْنْسَانِ كَانَ فِي فَوَاتِ مَنْفَعَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ بِحِسَابِهِ، كَالأْصَابِعِ؛ لِقَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فِي كُل أُصْبُعٍ عَشَرَةٌ مِنَ الإْبِل، وَفِي كُل سِنٍّ خَمْسَةٌ مِنَ الإْبِل، وَالأْصَابِعُ سَوَاءٌ، وَالأْسْنَانُ سَوَاءٌ). رواه الخمسة إلا الترمذي.

وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ مُقَدَّرٌ مِنَ الشَّارِعِ، فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وهذه يلجأ فيها لأهل الخبرة من الأطباء والقانونيين الشرعيين باختلاف الزمان والمكان، من أجل تحديد قدر العجز أو الضرر الحاصل وما يقابله من ضمان مجزئ، والله الموفق والمستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى