شهادة الزور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقبل الله منكم الصيام والقيام وجعل ماتقومون به من عمل واجتهاد للرد على الناس في ميزان حسناتكم
السؤال: رجل أتى بشاهد فحلف على المصحف على أشياء سمعها ولم يشاهدها، مما أثر على سير القضية وأكسب الظالم شيئاً لا يستحقه ومنع من المظلوم حقه (أتى مجاملة لقريبه)، وامرأة حلفت كاذبة على زوجها لتبرر الطلاق، ما هو عقوبة اليمين الكاذبة؟ وهل من توبة وكيفية شروطها؟ وهل يجب أن يعلن أنه حلف كاذب لرد المظالم إلى أهلها بعد أن غير حلفه مسار القضية؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجممعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فمن حلف بالله متعمداً وهو يعلم أنه كاذب في يمينه فقد أتى كبيرة من الكبائر وعظيمة من العظائم وعرَّض نفسه لغضب الله عز وجل، وقد قال سبحانه {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة” قالوا: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال “وإن كان قضيباً من أراك” وهذه اليمين يتضاعف وزرها إذا كانت أمام قاض أو محكمة لإحقاق باطل أو إبطال حق، وقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم شهادة الزور من أكبر الكبائر؛ فقال “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟” قالوا: بلى يا رسول الله. قال “الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور” وما زال يرددها حتى أشفق الصحابة عليه وقالوا: ليته سكت. والمطلوب من المسلم ألا يشهد إلا بالحق الذي يعلمه يقيناً، وألا يعتمد على مجرد السماع ممن يريد الشهادة له، بل على مثل الشمس فليشهد وإلا فليدعْ؛ وذلك حتى لا يورط نفسه فيما يكون سبباً لهلاكها.
ومن شهد زوراً فعليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً بشروطها المعتمدة من الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العود، ثم إذا ترتب على شهادته تضييع حق لواحد من الناس فعليه أن يطلب ممن شهد له أن يرد الحقوق إلى أهلها ويذكره بالله عز وجل، فإن لم يفعل فليعمل هو على رد ذلك الحق أو التحلل من صاحبه؛ وبذا تبرأ ذمته، والعلم عند الله تعالى