الفتاوى

  • التأمين على الحياة

    لي أحد الأقرباء قام بالتأمين على حياته، وقد حاولت نصحه ولكني لم أجد الطريقة المناسبة؛ لذا أرجو منكم أن تتكرموا بإيضاح حكم التأمين على الحياة مع إسداء النصح لهذا الرجل لعل الله أن يهديه ويتوب عليه.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالتأمين على الحياة محرَّم باتفاق علماء الإسلام وفق القرارات الصادرة عن المجامع الفقهية المعتبرة؛ وذلك لاشتماله على أنواع من المفاسد منها:

    أولاً: الغرر حيث إن المؤمِّن يدفع قسطاً سنوياً قد يعود إليه أضعافاً مضاعفة في حال حدوث الوفاة أو الضرر وقد يضيع عليه فلا يرجع إليه شيء، وهذا هو الغرر الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ثبت في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: {نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر} وحقيقة الغرر أن يبذل المرء ثمناً وهو لا يدري أيحصل على المثمَن أم لا؟

    ثانياً: الميسر حيث إن المؤمِّن يدفع القسط السنوي لا تبرعاً منه بل على رجاء أن ينال ما هو أكثر، وقد لا ينال شيئاً؛ وهذه هي حقيقة الميسر ولا فرق؛ وقد قال الله تعالى {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}

    ثالثاً: الربا إذ التأمين على الحياة حقيقته مبادلة مال بمال أكثر منه من عين جنسه، فاجتمع فيه ربا الفضل وربا النساء؛ وقد قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} ولعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.

    ومن أجل هذه المفاسد وغيرها أفتى علماء الإسلام بأن عقد التأمين على الحياة يقع فاسداً؛ وذلك لإحاطة عوامل البطلان به من كل جانب، والعلم عند الله تعالى.

  • شبهة في آية

    حدثت لي شبهة حول قول الله جل جلاله  )ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض( الآية. وسؤالي هو: هل تنفي الآية مطلقاً وجود إلهين اثنين حكيمين متفقين؟ والمانع من ذلك إذاً؟ وقد قرأت كتب التفسير ولم أفهم! أرجوكم أغيثوني عاجل جداً جداً جداً فإني لا أنام الليل؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    هذه الآية الكريمة )ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا  بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ( هي الآية الواحدة والتسعون من سورة (المؤمنون)، وهي تُقرِّرُ استِحالةَ أن يستقيمَ أمرُ الكون بوجودِ إلهين مُتصَرِّفَين في الكون؛ لأنَّه بافتِراضِ ذلك سيَقعُ التنازُعُ في إرادةِ التصرُّف؛ إذ يمتنعُ تصرُّفُهما معاً في خَلقِ أحدٍ أو موتِه، أو زيادتِه في الرزقِ أو نقصِه، أو شفائه أو مرَضِه وغيرِ ذلك.. فلما استحال استِقامةُ تصرُّفِ الصانِعَيْن معاً كان دليلاً على امتِناعِ حُصُولِه؛ فضلاً عن أنَّ الإلهَ قادرٌ لا يعجزُ وإرادتُه غالبةٌ لا تُقهَر. والإشارة بالعُلو في الآية إلى التغالُب والتخاصُم؛ مما يُحتِّمُ غلبةَ أحدِهما؛ فيكون الغالبُ إلهاً وتنتفي الألوهيةُ عن المغلُوب؛ فلم يبقَ إلا وُجوبُ إلهٍ واحِد. وهي حُجةٌ بالِغةٌ كما قال الطبري رحمه الله: )ما كان معه مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ( يقول: إذن لاعتزلَ كلُّ إلهٍ منهم )بِمَا خَلَقَ( من شيء، فانفرد به، ولَتغالَبُوا؛ فلعلا بعضُهم على بعضٍ وغلب القويُّ منهم الضعيف؛ لأن القويَّ لا يرضى أن يعلُوَه ضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلهاً؛ فسبحان الله ما أبلغَها مِن حُجةٍ وأوجَزَها لِمَنْ عقلَ وتدبَّر” [تفسير الطبري 19/66]. وزاد ابن كثير الأمرَ بياناً فقال رحمه الله: “أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهةٌ غيرُه لفسدَت السمواتُ والأرض، فقال )لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ( أي: في السماء والأرض )لَفَسَدَتَا( كقوله تعالى )مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ( [تفسير ابن كثير 5/337] وقال رحمه الله: “يُنزِّه تعالى نفسَه عن أن يكونَ له ولدٌ أو شريكٌ في الملك، فقال )مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ( أي: لو قُدِّر تعدُّدُ الآلهة؛ لانفرَدَ كلُّ منهم بما يخلق؛ فما كان ينتظم الوجود. والمشاهَد أنَّ الوُجودَ مُنتظِم مُتسِق، كل من العالم العلوي والسفلي مُرتَبِط بعضُه ببعضٍ في غايةِ الكمال )مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ( ثم لَكان كلٌّ منهم يطلبُ قهرَ الآخَرِ وخِلافَه؛ فيعلو بعضُهم على بعض. والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبَّرُوا عنه بدليلِ التمانع، وهو أنه لو فُرِضَ صانعان فصاعدا، فأراد واحدٌ تحريكَ جسمٍ وأراد الآخر سُكُونَه، فإن لم يحصلْ مُرادُ كلِّ واحدٍ منهما كانا عاجِزَيْن، والواجبُ لا يكون عاجزًا، ويمتنعُ اجتِماعُ مُرادَيْهما للتضاد. وما جاء هذا المحال إلا من فرضِ التعدُّد؛ فيكون مُحالا، فأما إنْ حصلَ مُرادُ أحدِهما دون الآخر؛ كان الغالبُ هو الواجب، والآخر المغلُوب ممكناً؛ لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا؛ ولهذا قال )وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ( أي: عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولدَ أو الشريكَ عُلُواًّ كبيرا” [تفسير ابن كثير 5/491] وقال الرازي: )إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ( المعنى لانفرد على ذلك كلُّ واحدٍ من الآلهة بخلقِه الذي خَلَقَه واستبَدَّ به، ولرأيتم مُلكَ كلِّ واحدٍ منهم مُتمَيِّزاً عن مُلكِ الآخَر، ولَغَلَبَ بعضُهم على بعضٍ كما ترَوْن حالَ مُلوكِ الدنيا ممالكهم متميِّزةٌ وهم مُتغالِبُون، وحيث لم ترَوْا أثَرَ التمايُز في الممالِك والتغالُب؛ فاعلموا أنه إلهٌ واحدٌ بيدِه مَلَكُوتُ كل شيء”. [تفسير الرازي 11/203].

    وأنصح الأخ الكريم أن يُكثِرَ من الاستعاذة من الشيطان الرجيم؛ فإن هذه الشكوك من وسوسة الشيطان لعنه الله، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ} وعلى السائلِ أن يُحصِّنَ نفسَه بالأذكار النبوية لاسيما الالتزام بـأن يقول {لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} مائة مرة؛ فإنها حِرزٌ من الشيطان اليومَ كلَّه. كما روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ {مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ}

    ومن اللطائف في هذا الحديث مِمَّنْ أُوتِيَ جوامِعَ الكَلِمِ صلى الله عليه وسلم أنَّ الإكثارَ من ذِكْرِ التوحيدِ ونفيِ الشريك وإثبات الملكِ والحمدِ لله دون سواه {لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} يُذهِبُ الوسوسةَ ويكون حِرزاً من الشيطان يمنعُه من الوسوسة في الإيمان يوماً كاملاً! فما أجملَ هذه المناسَبَةَ وما ألطفَها لمن تدبَّرَها!

  • شراء السيارة بالتقسيط

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…. أريد أن أشتري سيارة جديدة من معرض وكيل سيارات هونداي بالأقساط لمدة عامين، قيمة السيارة ٩٠٠٠ ريال عماني سأدفع للمعرض ٢٠٠٠ ريال عماني وباقي المبلغ يقسط علي عامين بفائدة ٤,٥٪، علمًا بأنه ستقوم شركة تمويل تابعة لشركة الهيونداي العارضة للسيارة بتمويل السيارة.. ما الحكم في هذه المعاملة؟؟؟ جزاكم الله خيرًا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فبيع التقسيط صورة من صور بيع النسيئة، الذي اتفق أهل العلم على جوازه للنصوص الثابتة في ذلك، ومنها ما رواه البخاري ومسلم ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل ورهنه درعاً من حديد)).وقد أجازت الشريعة المطهرة بيع النسيئة الذي يؤجَّل فيه الثمن؛ كما أجازت بيع السلم الذي يؤجَّل فيه المبيع؛ وفق شروط معلومة. وجواز بيع النسيئة يعني جواز بيع التقسيط؛ لأن هذا البيع ليس إلا بيعاً مؤجَّل الثمن قد قسط ثمنه على آجال معلومة، ولا فرق في الحكم الشرعي بين ثمن مؤجَّل لأجل واحد وثمن مؤجَّل لآجال متعددة.

    وأما بيع التقسيط إذا زيد فيه الثمن لمكان الأجل، بأن يكون ثمن السلعة حالَّة مائة جنيه مثلاً فإذا بيعت على أقساط كان ثمنها مائة وخمسين؟ فقد ذهب جمهور العلماء سلفاً وخلفاً إلى جوازه؛ لأدلة منها:

    – عموم الأدلة التي تقضي بحل البيع، وما البيع بالتقسيط إلا صورة من صور هذه البيوع المشروعة في الأصل، ولم يأت المانعون بما ينقل هذه الصورة إلى الحرمة.

    – قوله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا} والآية تشمل بعمومها بيع السلعة المعينة بثمن مؤجل وهو بيع النسيئة، كما تشمل بيع السلعة في الذمة إلى أجل مسمي وهو السلم، وكما ينقص في بيع السلم لأجل تعجيل الثمن يمكن أن يزاد في بيع النسيئة لأجل تأجيله.

    – قوله صلى الله عليه وسلم {الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد}

    وفي هذا الحديث دلالة على الأمور الآتية:

    – إذا بيع ذهب بذهب أو بر ببر يُشْتَرَطُ التماثل والتقابض مثلاً بمثل يداً بيد فتحرم الزيادة ويحرم التأجيل.

    – إذا بيع ذهب بفضة أو بر بتمر أو شعير يشترط التقابض ولا يشترط التماثل، فيجوز التفاضل لاختلاف الصنفين، ويحرم التأجيل.

    – إذا بيع ذهب ببر أو فضة بتمر جاز التفاضل والتأجيل، وكما يكون التفاضل لاختلاف الصنفين يكون لاختلاف الزمنين.

    – أنه في بيع الذهب بالذهب مَثَلاً يمتنع ربا النساء وهو التأجيل؛ لأنه يخلُّ بالتساوي ولكن هذا لا يشترط في بيع الذهب بالبر مَثَلاً؛ فتحل فيه الزيادة سواء أكانت لأجل فارق الجودة أو لأجل فارق الزمن.

    وأما المانعون للزيادة في الثمن مقابل الأجل فقد احتجوا بأن كل زيادة نظير الأجل تعد ربا، وقد نوقش بأن هذه الزيادة لا تعد من قبيل الربا الحرام لما سبق من أنه في بيع الأموال الربوية إذا بيع الشيء بجنسه حرم الربا بنوعيه فضلا ونسيئة (ذهب بذهب أو دولار بدولار) وإذا بيع الشيء بغير جنسه مع اتحاد العلة ذهب بفضة أو دولار بجنيه حل الفضل وحرم النساء، وإذا بيع الشيء بغير جنسه مع اختلاف العلة ذهب ببر أو دولار بتمر حل الفضل والنساء جميعاً، فيجوز الفضل لاختلاف الصنفين أو لاختلاف الزمنين.

    واحتجوا أيضاً بعموم النصوص التي تقضي بتحريم الربا وأن هذا البيع مندرج تحتها، وقد قوبل هذا بعموم النصوص التي تقضي بحل البيع معجلاً ومؤجلاً وأن هذا البيع مندرج تحتها.

    وكما احتجوا أيضا بما ورد من النهي عن بيعتين في بيعة كقوله صلى الله عليه وسلم {من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا} وقد نوقش هذا الحديث بأنه – على فرض صحته – محمول على بيوع الآجال (بيوع العينة) لا على بيع الأجل، وهو أن يشتري السلعة إلى أجل ثم يعيد بيعها إلى البائع بثمن أقل حالاً، ولا يخفى التحيل على الربا بهذا العقد الصوري الذي لم تعد فيه السلعة أن تكون وسيطاً صورياً أقحم لاستباحة قرض بزيادة.

    والذي يلزم التنبيه عليه في هذا المقام أنه إذا تأخر المشتري في أداء بعض الأقساط فإن هذا – على حرمته – لا يبيح للبائع أن يفرض عليه غرامة مالية في مقابلة هذا التأخير، وإن كان من حقه أن يطالب بحلول بقية الأقساط عند حدوث المماطلة إذا كان قد اشترط ذلك عند التعاقد.

    وقد صدر بذلك قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي فقد قرر في دورة مؤتمره السادس بجدة المنعقد في شعبان عام 1410هـ ما يلي:

    1- تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال ـ كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو بالتأجيل، فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل، بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد، فهو غير جائز شرعاً.

    2- لا يجوز شرعاً في بيع الأجل التنصيص في العقد على فوائد التقسيط مفصولة عن الثمن الحالِّ، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتَّفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة.

    3- إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد، فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين، بشرط سابق أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرَّم.

    4- يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حلَّ من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء.

    5- يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها عند تأخر المدين في أداء بعضها، ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد.

    6- لا حقَّ للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده، لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة.

    وخلاصة الفتوى أن شركة التمويل هذه إذا كانت تشتري تلك السيارة وتسجلها باسمها ثم تبيعها عليك بالتقسيط فلا حرج في هذه المعاملة؛ أما إذا كنت أنت المشتري والشركة تمول ثم ترتب على ذلك التمويل الفائدة المذكورة في السؤال فلا تجوز تلك المعاملة لأنها من قبيل الربا المحرم وهو ربا الديون المجمع على تحريمه، والعلم عند الله تعالى.

  • هل الحلف بالطلاق يقع به طلاق؟

    ما حكم من حلف بالطلاق؟ وهل يحسب طلقة أم لا؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالحلف بالطلاق يمين الفُسّاق كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام، وما ينبغي للمؤمن أن يجري الطلاق على لسانه في الجليل والحقير؛ لقول ربنا سبحانه وتعالى ((ولا تتخذوا آيات الله هزوا)) والمطلوب منك مراجعة القاضي أو المفتي ليسألك عن نيتك حال الحلف بالطلاق، والله الموفق والمستعان.

  • الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة

    قول الله جل جلاله )الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة( نرجو تفسير هذه الآية، وجزاكم الله خيراً.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فهذه الآية المباركة من سورة النور قد ذكر أهل التفسير في سبب نزولها أن بعض الصحابة رضي الله عنهم استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح نسوة كن معروفات بالزنا من أهل الشرك، وكن أصحاب رايات يؤجرن أنفسهن؛ فأنزل الله تحريمهن على المؤمنين فقال: الزاني من المؤمنين لا يتزوج إلا زانية أو مشركة لأنهن كذلك والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زان من المؤمنين أو المشركين أو مشرك مثلها لأنهن كن مشركات {وحرم ذلك على المؤمنين} فحرم الله نكاحهن بهذه الآية. ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب؛ فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا؛ وكذلك لا يصح تزويج المرأة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى {وحُرِّم ذلك على المؤمنين} وقال آخرون: كان هذا حكم الله في كل زان وزانية حتى نسخه بقوله {وأنكحوا الأيامى منكم} فأحل نكاح كل مسلمة وإنكاح كل مسلم، وممن قال بذلك سعيد بن المسيب، قال الشافعي: القول فيها كما قال سعيد بن المسيب إن شاء الله هي منسوخة.

    وذهب جمهور العلماء إلى أن الآية واردة في تبشيع الزنا وبيان أن الزاني لا يزني إلا بمن كانت مثله زانية أو شراً منه مشركة، وأن الزانية لا يوافقها على الزنا إلا من كان مثلها زانياً أو شراً منها مشركاً، وقد رجح هذا المعنى شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله فقال: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عني بالنكاح في هذا الموضع الوطء، وأن الآية نزلت في البغايا المشركات ذوات الرايات؛ وذلك لقيام الحجة على أن الزانية من المسلمات حرام على كل مشرك؛ وأن الزاني من المسلمين حرام عليه كل مشركة من عبدة الأوثان؛ فمعلوم إذا كان ذلك كذلك أنه لم يعن بالآية أن الزاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات ولا ينكح إلا بزانية أو مشركة وإذا كان ذلك كذلك فبيِّن أن معنى الآية: الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحل الزنا أو بمشركة تستحله وقوله {وحرم ذلك على المؤمنين} يقول: وحرم الزنا على المؤمنين بالله ورسوله وذلك هو النكاح الذي قال جل ثناؤه {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزاني لا ينكحها إلا زان أو مشرك} وقال ابن كثير رحمه الله: هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة؛ أي لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك وكذلك {الزانية لا ينكحها إلا زان} أي عاص بزناه {أو مشرك} لا يعتقد تحريمه قال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: ليس هذا بالنكاح إنما هو الجماع لا يزني بها إلا زان أو مشرك؛ وهذا إسناد صحيح عنه وقد روي عنه من غير وجه أيضا وقد روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والضحاك ومكحول ومقاتل بن حيان وغير واحد نحو ذلك. والعلم عند الله تعالى.

  • سؤال عن المرابحة والزكاة

    لديَّ منزل مؤسس لأربعة طوابق ومكتمل منه الطابق الأرضي فقط؛ لديَّ النية لأخذ مرابحة لتكملته؛ تجول برأسي عدة أسئلة:

    أولاً: هل المرابحة حلال إذا نُفِّذت بأصولها الشرعية كما يقولون؟ وما هي هذه الشروط؟ ثانياً: إذا كانت حلالاً فهل يمكن شراء مواد بناء أكثر من الحاجة ثم بيعها حتى أتمكن من تسديد مصاريف العمالة؟

    ثالثاً: أنا مهني من أسرة فقيرة وفقني الله للعمل بالخارج بدخل عالي لمدة 11 سنة ـ والحمد لله ـ تكفلت بتربية و دراسة إخوتي وأبناء الأهل والجيران؛ لم أدفع أي زكاة (بنية الزكاة) لأنه لم يكن لديَّ مال حال عليه الحول مدى حياتي؛ لأنه كلما جهزت مبلغاً من المال اشتريت قطعة أرض حتى امتلكت 4 قطع أرض سعر شرائها (60مليون – 80 مليون – 70) كلها كانت عن طريق دفع جزء ثم تسديد الباقي على دفعات؛ عدت للبلاد نهائياً في العام السابق، واشتريت قطعة أرض في أرقى أحياء بحري، وبعت القطع الأخرى و بنيت بثمنها بيتي؛ فهل عليَّ زكاة سابقاً؟ إن كانت الإجابة بنعم فكم هي؟ وكيف أسدِّدها؟ علماً أنه ليس لديَّ مال الآن غير مرتبي الشهري والمزكَّى من قبل مـخدِّمي؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالمرابحة الشرعية حلال إذا توافرت شروطها، وهي أن يكون اتفاق بين اثنين (كالبنك والعميل مثلاً) على أن يشتري البنك سلعة مباحة ويحوزها، ثم يقوم ببيعها على العميل، على أن يكون سداده لثمنها بأقساط معلومة، وتنتفي الشرعية عن هذه المعاملة إذا قام البنك ببيع السلعة على العميل قبل تملكها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم {لا تبع ما لا تملك} وكذلك إذا قام البنك باستكتاب العميل شيكات مثلاً قبل أن يتملك السلعة، ولا حرج عليك في أن تشتري من البنك سلعة ثم تقوم ببيعها؛ رجاء الانتفاع بقيمتها في عمل آخر مباح، وهي المعاملة التي يسميها العلماء بالتورق، ولا زكاة عليك فيما كان من بيعك الأرض لكونك انتفعت بثمنها في ضرورة حياتك ببناء مسكن لك، والله تعالى أعلم.

  • رفع اليدين بالدعاء في الجمعة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، متعك الله بالصحة والعافية وزادك الله علماً ونوراً، السؤال هو: ما حكم رفع الأيادي عند دعاء الإمام في خطبة الجمعة؟ فهنالك إخوة لا يرفعون الأيادي في الدعاء فما الحكم؟ بارك الله فيكم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فمن آداب الدعاء رفع اليدين، وقد ثبتت بذلك جملة من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:

    • عن أنس رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، ورفع يديه، وما في السماء قزعة؛ فثار سحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل من منبره حتى رأيت المطر يتحادر من لحيته} رواه البخاري ومسلم.
    • في رواية للبخاري {فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون؛ فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا، فما زلنا بمطر حتى كانت الجمعة الأخرى} وذكر تمام الحديث
    • عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إن الله حيي كريم سخي؛ يستحي إذا رفع الرجل يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين} رواه أبو داود وقال: حديث حسن (والصفر) بكسر الصاد الخالي
    • وعن أنس رضي الله عنه في قصة القراء الذين قتلوا قال : {لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم؛ يعني على الذين قتلوهم} رواه البيهقي بإسناد صحيح حسن
    1. وعن عائشة رضي الله عنها في حديثها الطويل في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في الليل إلى البقيع للدعاء لأهل البقيع والاستغفار لهم قالت {أتى البقيع فقام؛ فأطال القيام؛ ثم رفع يديه ثلاث مرات؛ ثم انحرف قال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع وتستغفر لهم} رواه مسلم
    • وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال {لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه؛ فجعل يهتف بربه؛ يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، فمازال يهتف بربه ماداً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه} رواه مسلم
    • وعن ابن عمر رضي الله عنهما {أنه كان يرمي الجمرة سبع حصيات؛ يكبر على أثر كل حصاة، ثم يتقدم حتى يستقبل؛ فيقوم مستقبل القبلة؛ فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه؛ ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال؛ فيستقبل ويقوم طويلا؛ ويدعو ويرفع يديه؛ ثم يرمي الجمرة ذات العقبة ولا يقف عندها ثم ينصرف؛ فيقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله} رواه البخاري
    • وعن أنس رضي الله عنه قال {صبَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بكرة، وقد خرجوا بالمساحي؛ فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: الله أكبر خربت خيبر} رواه البخاري
    • وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال {لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، وذكر الحديث وأن أبا عامر رضي الله عنه استشهد فقال لأبي موسى : يا ابن أخي أمرني النبي صلى الله عليه وسلم فقل له: استغفر لي، ومات أبو عامر، قال أبو موسى: فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته؛ فدعا بماء فتوضأ؛ ثم رفع يديه فقال {اللهم اغفر لعبدك أبي عامر} ورأيت بياض إبطيه ثم قال {اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك ومن الناس} فقلت: ولي فاستغفر؛ فقال {اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً} رواه البخاري ومسلم
    1. وعن أبي هريرة رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام فأنى يستجاب لذلك} رواه مسلم
    2. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح  بينهم فحانت الصلاة؛ فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ فقال: نعم. قال: فصلى بهم أبو بكر رضي الله عنه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الصلاة فتخلص؛ حتى وقف في  الصف فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت؛ فالتفت أبو بكر رضي الله عنه فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اثبت مكانك؛ فرفع أبو بكر يديه رضي الله عنه فحمد الله تعالى على ما أمره به  رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك} رواه البخاري ومسلم
    3. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعاً يديه يقول {إنما أنا بشر فلا تعاقبني، أيما رجل من المؤمنين آذيته أو شتمته فلا تعاقبني فيه} رواه البخاري
    4. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة وتهيأ ورفع يديه وقال {اللهم اهد دوساً وأتِ بهم} رواه البخاري
    5. وعن جابر رضي الله عنه {أن الطفيل بن عمرو قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هل جابر في حصن حصين  ومنعة؟ وذكر الحديث في هجرته مع صاحب له، وأن صاحبه مرض فجزع؛ فجرح يديه فمات فرآه الطفيل في المنام فقال: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأن يديك؟ قال: قيل: لن يصلح منك ما أفسدت من نفسك. فقصها الطفيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال {اللهم وليديه فاغفر – رفع يديه} رواه البخاري
    6. وعن علي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة الوليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو  إليه زوجها أنه يضربها فقال: اذهبي إليه فقولي له {كيت وكيت، أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول} فذهبت ثم عادت فقالت: إنه  عاد يضربني فقال {اذهبي فقولي له كيت وكيت} فقالت: إنه يضربني فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال {اللهم عليك الوليد} رواه البخاري
    7. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه حتى بدا ضبعاه يدعو لعود عثمان رضي الله عنه} رواه البخاري
    8. وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال: أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كفيه} رواه البخاري
    9. وعن أبي عثمان قال: كان عمر رضي الله عنه يرفع يديه في القنوت. رواه البخاري
    10. وعن الأسود أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يرفع يديه في القنوت. رواه البخاري

    قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: هذه الأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي المسألة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته، وفيما ذكرته كفاية، والمقصود أن يعلم أن من ادعى حصر المواضع التي وردت الأحاديث بالرفع فيها فهو غالط غلطاً فاحشاً، والله تعالى أعلم.

    وعليه فإن رفع اليدين مطلوب سواء كان في التأمين على دعاء الإمام يوم الجمعة أو عقيب مجلس علم، ولا يستثنى من ذلك إلا الإمام على المنبر يوم الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه بل يشير بأصبعه صلوات الله وسلامه عليه، والله تعالى أعلم.

  • التسمية بإسم ملك

    هل يجوز تسمية البنت بملك وهل في ذلك شيء؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج في تسمية البنت بهذا الاسم؛ تفاؤلاً بطهرها ونقائها وعفتها واستقامتها على أمر الله تعالى، مع تحاشي معتقد فاسد كان أهل الجاهلية عليه؛ حيث كانوا يقولون: الملائكة بنات الله، وقد قال الله تعالى راداً عليهم {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم؟ ستكتب شهادتهم ويسألون} وقال {ويجعلون لله ما تكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} والعلم عند الله تعالى.

  • حث الأبناء على الصلاة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الدكتور عبد الحي يوسف والإخوان بالمشكاة الطيبة؛ فيما يخص حث الأبناء على الصلاة في المسجد أو الزاوية القريبة من المنزل، لديَّ والحمد لله تعالي ثلاثة أبناء ذكور أعمارهم (9-12-14) آخذهم معي للصلاة في الزاوية القريبة من المنزل عندما أكون موجوداً في المنزل، ولكن المشكلة في حال عدم وجودي يتكاسلون أحياناً مع سماعهم للأذان وهذا ما يكون السبب الدائم لاختلافي مع زوجتي، عندما لا أجدهم يصلون في الزاوية أقوم بزجرهم وتأنيبهم بقوة بل وأكاد أضربهم إذا تكرر الموقف، بعد ذلك أزجر زوجتي لعدم حثها إياهم بالتوجه للزاوية عندما تحين مواعيد الصلاة وأعتقد أن أمرها إياهم للصلاة في المنزل غير كافي، وأقول لها: عندما يُؤذن للصلاة فقط قولي لهم (يا أولاد أمشوا صلوا في الزاوية وإذا لم يذهبوا أخبريني عندما أعود) ويكون ردها كالآتي ((إلى متى ستحثهم هي؟ هل كل صلاة؟ وكل يوم؟ (تراها صعبة) – إنها في أسرتها عندما كانوا صغاراً لم يكونوا يداومون على الصلاة ولكن ربنا هداهم بعد أن صاروا كباراً ووعوا!! وبالتالي هؤلاء الأبناء سيصلون ويداومون بعد أن يكبروا ويعوا.. – حثهم على الصلاة سيجعلهم يكرهونها!!  تري أن مهمتنا تنتهي عند حد التبيين فقط وليس المراقبة والحث المستمر بالإلحاح الذي أقوم به دائماً وأن الله تعالى لن يسألنا عن هدايتهم.. وأنا طبعاً أختلف معها جملة وتفصيلاً فيما تقول وأعتبر هذا تفريطاً سيسألنا عنه الله تعالى، وإني سأسألهم وأحثهم لكل صلاة في كل يوم حتى مماتي وإن كبروا إذا لم يواظبوا على الصلاة في المسجد.. ولن أمل من ذلك.. علماً بأنهم لا يرفضون الصلاة في المسجد أو الزاوية بدليل أني عندما اكون موجوداً وعندما يُؤذن الأذان يقوموا بالوضوء قبلي ومن ثم التوجه للمسجد حتى ولو لم أتحدث معهم فقط بمجرد أن يروني أستعد للصلاة .. أرجو من فضيلتكم التوضيح علماً بأني أطلعها علي كل الفتاوى وردودها … وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم …

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فأنت مجزي خيراً أيها الأخ الكريم على حرصك على تربية أولادك على المحافظة على الصلاة والسعي إليها في بيوت الله، عملاً بقول ربنا سبحانه {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} وقوله جل جلاله {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة} وستجد عاقبة ذلك إن شاء الله صلاحاً في أولادك وبركة في عمرك، ولعل الله تعالى يجزيك بعملك فيصلح لك أهلك وولدك، والواجب عليك أخي من أجل أن تنال الثمرة التي ترجوها أن تستعين على درك حاجتك بأمور:

    أولها: إخلاص النية لله تعالى، بأن يكون هدفك من حثهم وزجرهم إنما هو إقامتهم على أمر الله، والاستجابة لداعي الله حين أمرنا بتنشئة أولادنا على حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على فرائض الدين، واحذر – عافاني الله وإياك – من أن يكون الهدف الرياء وأن يقول الناس: أولاد فلان لا يغيبون عن المسجد!! أولاد فلان صالحون طيبون!! بل ليكن رضا الله همك الأول والأخير

    ثانيها: الدعاء؛ فما عليك إلا أن تكثر من الدعاء بصلاح الذرية؛ وفي القرآن الكريم {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} وفيه {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين} فلا تعول على متابعتك وزجرك لهم، بل استعن بالله الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء

    ثالثها: عليك أن تجعل من نفسك قدوة لأولادك بالمسارعة إلى المسجد، وتحين أوقات الصلاة وأدائها على الوجه المطلوب؛ فما أحسن التربية بالقدوة، ورب إنسان يعظ بحاله قبل مقاله

    رابعها: انتقاء الكلمات الطيبة والألفاظ العذبة حال وعظك إياهم، كقولك لأحدهم: اتق الله يا فلان. خَفْ ربَّك يا بُني، وتجنب – بارك الله فيك – الألفاظ الخشنة والعبارات المسيئة كقولك: يا فجرة، يا فسقة، يا من لا تفهمون، لا فائدة فيكم!! فما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه، وإن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف.

    ثم إن الزوجة – وفقها الله – ليست مصيبة في ظنها أن الأمر ينبغي أن يترك لاختيار الأولاد وبعدها الهداية من الله، بل نحن مأمورون بالأخذ بالأسباب بحثهم ووعظهم وترغيبهم وترهيبهم، ثم بعد ذلك {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا} لكن لا يجوز لنا ترك متابعتهم بدعوى أن الهداية من الله، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يأمر أهله بالصلاة ويحثهم عليها؛ لا الصلاة المفروضة فحسب بل قيام الليل أيضاً؛ فقال «أيقظوا صويحبات الحُجَر» ومر على فاطمة وعلي رضي الله عنهما فقال «ألا تصليان؟» وكان يصلي من الليل ما شاء الله له أن يصلي؛ فإذا أراد أن يوتر أيقظ عائشة رضي الله عنها لتوتر، وهكذا.

    أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدينا وأزواجنا وذرياتنا، وأن يجعلهم قرة عين لنا، وذخراً في الدنيا والآخرة، والله الموفق والمستعان.

  • خطأ الطبيب

    السلام عليكم ورحمة الله، أنا طبيبة قبل عام كانت عندي مريضة مصابة بمضاعفات السكري، وهي في حالة إغماء وحالتها سيئة جداً واحتمال شفائها بسيط، كنت قد أخطأت وأعطيتها جرعة علاج (أنسولين) أقل، ولكن بعد أن رأى الطبيب الأخصائي حالتها وأخبرنا أن الجرعة قليلة، صححت ذلك وأعطيتها الجرعة الصحيحة، وبعدها بفترة لا أذكر مقدارها تقريباً يوم إلى 3 أيام ماتت المريضة.

    ولمعرفة سبب الوفاة طبياً نحتاج لعمل تحاليل وقد يتطلب الأمر تشريح للجثة إذا لم تفدنا التحاليل. ﻷن مرض السكر قد يؤدي الى الوفاة بطرق مختلفة خصوصا في كبار السن (وعمر المريضة رحمها الله 70 عاماً). وللأسف لم نعمل هذه التحاليل، باعتبار أن الأمر مجرد قدر وليس نتيجة خطأ.

    فلم أكن أعلم أن الطبيب إذا أخطأ وتضرر المريض فهو ضامن، ولهذا لم أجتهد في معرفة سبب الوفاة لهذه المريضة.

    ومرَّ عام، وعلمت أن الطبيب ضامن في حالات، المشكلة أني لن أتمكن من معرفة سبب وفاة هذه المريضة ﻷنها قد دفنت والأمر يتطلب تحاليل للمريضة.

    وعموماً إحتمال وفاتها بسبب المرض كبير جداً، وربما أكبر من إحتمال وفاتها بسبب جرعة العلاج القليلة، وبغير التحاليل للجثة لا يمكن الوصول إلى أمر أكيد.

    هذا الأمر يقلقني جداً، ما رأي الدين في ذلك؟ إذا كان ليس بإمكاننا معرفة سبب الوفاة والجثة قد دفنت. للتأكد ما إذا كان نتيجة الخطأ أم قدر. أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيراً.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فكله بقدر الله؛ سواء أكان الموت نتيجة خطأ طبي، أم لم يكن كذلك؛ وقد قال سبحانه {إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} وقال النبي صلى الله عليه وسـلم “إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها” والذي أراه لك هو اللجوء إلى اثنين أو ثلاثة من حذاق الأطباء وثقاتهم لعرض ملف تلك المريضة عليهم، وبعد ذلك يكون تقريرهم هو الفيصل في هذا الأمر، ومن ثم يتقرر الحكم اللازم في حقك، ولا أفصل في ذكره الآن لكونك قد اطلعت على مسألة (تضمين الطبيب) وما فيها من كلام لأهل العلم، والله ولي التوفيق.

زر الذهاب إلى الأعلى