الفتاوى

حكم نبش القبر ونقل الجثمان

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فالأصل هو أن الميت إذا وضع في قبره فقد تبوأ منزلاً وسبق إليه فهو حبس عليه ليس لأحد التعرض له، ولا التصرف فيه، ولأن النبش قد يؤدي إلى كسر عظم الميت وامتهانه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {كسر عظم الميت ككسره حياً} رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. هذا هو الحكم المقرر عند أئمة أهل العلم، لكنهم قرروا كذلك أنه يجوز نبش قبر الميت وإخراجه منه إذا دعت إلى ذلك ضرورة أو مصلحة إسلامية راجحة يقررها أهل العلم.

والوارد في السؤال أن الأرض التي خصصت لجامعة أم درمان الإسلامية لإقامة مبان عليها وجد أثناء الحفر فيها رفات لبعض الأموات، والواجب حال الجواب على هذا السؤال استصحاب أن الجهة التي أوقفت تلك الأرض لم تتعمد اعتداء على حق أولئك الأموات بل الغالب أن تلك المقابر دارسة عافية، بحيث لو لم يحصل الحفر لم يَدْرِ الناس أن في ذلك المكان قبوراً، وعليه يقال: إن المصلحة ها هنا راجحة من جهة أن تلك الأرض قد خُصِّصَت بكاملها للجامعة وتم إقامة مبان في بعضها مما لا يوجد فيه قبور، ويصعب استثناء تلك القطعة منها لتبقى مقابر، وعليه فلا حرج في إخراج تلك الرفات ونقلها إلى أقرب مقابر للمسلمين، وقد سبق إلى القول بذلك إمام من أئمة أهل السنة وهو أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، في المغني لابن قدامة رحمه الله: وسئل أحمد عن الميت يُخرج من قبره إلى غيره فقال: إذا كان شيء يؤذيه، قد حُوِّل طلحة وحُوِّلت عائشة، وسئل عن قوم دفنوا في بساتين ومواضع رديئة. فقال: قد نبش معاذ امرأته، وقد كانت كفنت في خَلَقَيْن فكفَّنها، ولم ير أبو عبد الله بأساً أن يحوَّلوا.

وعن جابر رضي الله عنه قال: دُفن مع أبي رجل، فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة} رواه البخاري والنسائي. قال الشوكاني رحمه الله: فيه دليل على أنه يجوز نبش الميت لأمر يتعلق بالحي. والعلم عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى