الفتاوى

  • الإرتباط برجل يعمل في مجال الموسيقى

    الارتباط برجل يعمل كمدرس للموسيقى. ما حكم الشرع في ذلك؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالحكم على هذه المسألة فرع عن الحكم في الموسيقى ذاتها هل هي حلال أو حرام، وبالرجوع إلى أدلة الشرع نعلم أن المعازف ـ وهي الموسيقى بلغة اليوم ـ محرَّمة بقول الله تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم} وصحَّ عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما أن الآية نزلت في الغناء وأشباهه، وكان ابن مسعود يحلف إنها الغناء. وقوله تعالى مخاطباً إبليس ـ لعنه الله ـ {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال المفسرون كمجاهد بن جبر رحمه الله: هو الغناء والمزامير، وفي صحيح البخاري من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف} وقد صحح هذا الحديث أئمة حفاظ كبار كابن الصلاح والنووي وابن حجر رحمهم الله جميعا، قال الذهبي رحمه الله: المعازف اسم لكل آلات الملاهي التي يُعزَف بها. وفي مسند أحمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {إن الله حرم عليكم الخمر والميسر والكوبة، وقال: كل مسكر حرام} والكوبة: الطبل، وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأمة بالمسخ والخسف إذا ظهرت فيها القينات والمعازف؛ ففي سنن الترمذي من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشُربت الخمور}

    إذا عُلم هذا تبيَّن أن اتخاذ الموسيقى مهنة يقتات منها المرء ـ تعليماً أو ممارسة ـ لا يجوز؛ لأن الله تعالى إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، وإذا كان رزق المرء من حرام لم يبارك الله له فيه، وكانت معيشته ضنكاً، لكنَّ كثيراً من الناس لا يعلمون هذه الأحكام ولربما يستغربونها إذا سمعوا بها أو اطلعوا عليها رغم أنه قول جمهور العلماء – ومنهم الأئمة الأربعة وأصحابهم – وقد يكون في هؤلاء الممتهنين العمل بالموسيقى بعض الطيبين ممن يصلون الخمس ويصومون الشهر ويأتون أبواباً من الخير لكنهم يظنون حِلَّ عملهم وطيب رزقهم، فالذي أنصح به هو وجوب مناصحة أمثال هؤلاء والصبر عليهم إذا كانوا من الصنف الذي ذكرته ممن يعرفون للدين حرمته، فإن انتصح فبها ونعمت وإلا فلا خير في الارتباط به، والعلم عند الله تعالى.

  • المدارس الفقهية

    لماذا لا توجد مدارس فقهية لتعلم الفقه وغيره من العلوم الإسلامية وتكون مشهورة ومعلومة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالمدارس الفقهية التي تعنى بعلوم الشريعة وآدابها موجودة على امتداد ديار المسلمين، ومن أشهرها الأزهر الشريف في مصر وجامعة القرويين في المغرب وجامعة الزيتونة في تونس وجامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وكذلك الجامعة الديوبندية في الهند والجامعات السلفية التابعة لأهل الحديث في شبه القارة الهندية، كما يوجد في السعودية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة أم القرى والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وتغذي تلك الجامعات مدارس ومعاهد يتخرج فيها طلاب العلوم الشرعية كدار الحديث بمكة والمدينة، والمعاهد العلمية التابعة للأزهر وجامعة أم درمان.

    هذا ولا يتوقف الحصول على العلم الشرعي على الانضمام إلى واحدة من تلك المعاهد الشرعية بل يمكن للمسلم أن يتفقه في الدين بسؤال أهل الذكر وحضور مجالسهم في المساجد وغيرها، ومتابعة الجديد النافع من الأشرطة والإصدارات مع القراءة في الكتب النافعة؛ حيث إن العلم قد تيسرت سبله في هذا الزمان، وما بقي على الحريص المخلص إلا أن يشمر عن ساعد الجد، والله الموفق والمستعان.

  • عدة الطلاق لمن لا تحيض

    من المعلوم أنه لا يجوز طلاق المرأة أثناء الحيض أو في طهر مسها فيه، لكنه يقع ويأثم الزوج. السؤال هو: متى يطلق الزوج امرأته إذا كانت لا تحيض لصغر سن أو كبره أو لمرض فيها، وكذلك من كان حيضها غير منتظم، فمرة كل شهرين ومرة كل أربعة أشهر مثلاً، بعد أن كان منتظماً كل شهر، وما عدة هذه الأخيرة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    أولاً: لا يجوز للمسلم طلاق امرأته وهي حائض أو نُفَسَاء أو في طهر جامعها فيه؛ لما رواه الشيخان من حديث سالم {أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيَّظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلِّقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها؛ فتلك العدة كما أمر الله جل جلاله}

    ثانياً: الطلاق الموقع في الحيض معدود؛ فإذا كان واحدة وإن كان اثنتين عُمل بمقتضاهما سواء ارتجع أو لم يرتجع؛ لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال {حسبت عليَّ بتطليقة}

    ثالثاً: طلاق الصغيرة التي لا تحيض أو الكبيرة التي انقطع عنها دم الحيض لا حرج فيه، إذ طلاق المرأة في حيضها أو نفاسها ممنوع لما فيه من ضرر بتطويل العدة عليها، وهذا المحظور منتف في حق الكبيرة والصغيرة اللتين لا تحيضان؛ لأن عدتهما بالشهور لا بالأقراء؛ لقوله تعالى )واللائي يئسن من المحيض من نسائكم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن(

    رابعاً: إذا كانت المطلقة من ذوات الحيض لكن حيضها غير منتظم كما ورد في السؤال، فإنها  لا تنقضي عدتها حتى يمر عليها ثلاثة قروء وإن طالت؛  لأنها لم يرتفع حيضها بعد، فهي من ذوات القروء ولا يمكن عدها من اللائي يئسن من المحيض، أما إذا ارتفع حيضها ولا تدري ما الذي رفعه فإن قضاء عمر رضي الله عنه أنها تعتد سنة؛ تسعة أشهر منها تتربص فيها لتعلم براءة رحمها؛ لأن هذه المدة هي غالب مدة الحمل، فإذا لم يبن الحمل فيها علم براءة الرحم ظاهراً؛ فتعتد بعد ذلك عدة الآيسات ثلاثة أشهر، قال الشافعي رحمه الله: هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار، لا ينكره منهم منكر علمناه. وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه، والعلم عند الله تعالى.

  • هل من يعمر المساجد بريئ من الذنوب؟

    يقول تعالى {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} حولنا أناس يصلون الخمسة أوقات في المسجد، بل أحياناً يصطحبون أطفالهم دون السابعة إلى صلاة الفجر، ولكنهم يؤذون الناس بألسنتهم وأيديهم ويسرقون الكهرباء من خلف العداد، وبدلاً من إماطة الأذى الذي هو أدنى درجات الإيمان فإنهم يدفقون الماء المستعمل ونفايات المطبخ في الشارع؛ فيصبح زلقاً، هذا غير العظام وشوك الأسماك والحجارة، ويحفرون الحفر ويتركونها بحيث يصبح المشي خطراً خصوصاً ليلاً للمسنين وضعيفي البصر والبنية، ولا يبالون بالكذب وأكل المال الحرام، فما معنى الآية المتقدمة يرحمكم الله؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فإن معنى الآية ـ والله أعلم ـ على ما قاله أهل التفسير: إنما يعمر مساجد الله  المصدِّق بوحدانية الله المخلص له العبادة، الذي يصدِّق ببعث الله الموتى أحياء من قبورهم يوم القيامة، وأقام الصلاة المكتوبة بحدودها وأدَّى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له، ولم يرهب عقوبة شيء على معصيته إياه سوى الله؛ فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب. والمراد بعمارة المساجد بناؤها وترميمها وقمُّها وتنظيفها وتزيينها بالفرش لا على وجه يشغل قلب المصلي عن الحضور وتنويرها بالسرج، وإدامة الذكر والعبادة ودراسة العلوم الشرعية فيها ونحو ذلك مع صيانتها مما لم تبن له في نظر الشرع من اللغط ورفع الأصوات وإثارة الخلاف وما إلى ذلك مما يتنافى مع رسالة المسجد.

    وليس معنى الآية أن عمار المساجد معصومون من المعاصي بريئون من الذنوب بل هم كغيرهم، فجيرانك هؤلاء لهم أجر عمارتهم للمسجد وصلاتهم فيه، وعليهم وزر ما يأتون من أفعال محرمة من أذية الناس بألسنتهم وأيديهم وطرحهم الأشواك في الطرقات وغير ذلك من فعال شائنة، والواجب نصحهم ونهيهم عن المنكر بالأسلوب الشرعي لعل الله أن يهديهم، والله الموفق والمستعان.

  • حكم العمل في الضرائب

    هل يجوز العمل بالضرائب الحكومية إن كان ثمة حاجة، هذا مع وجود الظلم؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالعمل في ديوان الضرائب إذا كانت نية العامل فيه منع الظلم عن الناس ودفع الأذى عنهم فهو مأجور شأنه في ذلك شأن من يعمل في الشرطة أو غيرها من المرافق التي هي مظنة إيقاع الظلم بالناس، أما من عمل في هذه الدوائر ولم يتق الله في المسلمين؛ فإنه متوعد بقول النبي صلى الله عليه وسلم {اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه} والله تعالى أعلم.

  • حكم لحس فرج الزوجة

    إنني أعاني من صغر حجم عضو التناسل والقذف السريع مما لا يمكنني من ممارسة العلاقة الزوجية كما ينبغي، ولإشباع رغبة زوجتي فإنها تطلب مني مص الفرج باللسان مما يسبب لي الضيق؛ فهل يجوز شرعاً مص الفرج للسبب المذكور؟ وإذا لم نصل إلى توافق هل يجوز الطلاق في هذه الحالة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالمراد من المعاشرة الزوجية تحقيق الاستعفاف والاستغناء بما أحلّ الله من الأزواج عما حرّم من الزنا والمخادنة، وكل ما يحقق ذلك الاستعفاف فالشريعة لا تحرمه؛ كما قال ربنا جل جلاله {نساؤكم حرث لكم  فأتوا حرثكم أنى شئتم} فلا يحرم إلا الوطء في الدبر والوطء في الفرج حال الحيض، والقضية المطروحة في السؤال قد نص بعض أهل العلم ـ كأصبغ من المالكية ـ على جوازها؛ ولأن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد منع أو إلزام، وعليه فلا حرج في ذلك تحقيقاً لإشباع الزوجة، هذا مع وجوب الاحتراز من النجاسة كالمذي لئلا يسبق إلى الجوف شيء منها، والعلم عند الله تعالى.

  • نصيحة لمن يدرّس النساء

    أريد أن أعمل برنامجاً دعوياً للنساء فأريد بعض النصائح والكتب التي أستعين بها في ذلك إن شاء الله؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    أولاً: عليك بالإخلاص في عملك هذا واستحضار نية صالحة في نفع المسلمين، وأبشري بعاجل الثواب كما قال ربنا جل جلاله )ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين(

    ثانياً: البدء بالأهم فالمهم من علوم الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن {إنك ستأتي قوما أهل كتاب؛ فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ فإن هم أطاعوا لك بذلك؛ فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم} فاحرصي على الاهتمام بأصل الدين الذي تنعقد عليه القلوب ثم شعائر التعبد ثم ما تيسر من تفسير القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة وتراجم الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات

    ثالثا: الحذر من القول على الله تعالى بغير علم {فمن كان عنده علم فليقل به ومن لم يكن عنده علم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الإنسان لما لا يعلم: الله أعلم، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}

    رابعاً: الكتب النافعة في الدعوة كثيرة أنفعها كتاب الله جل جلاله عليك بتحفيظ الأخوات ما تيسر من سوره المباركة مع شرحها شرحاً موجزاً خاصة فاتحة الكتاب وقصار السور التي يحفظها أكثر الناس، ثم دراسة ما تيسر من أحاديث الأحكام من العمدة وكذلك أحاديث الفضائل في الأربعين النووية، والسيرة المباركة في الرحيق المختوم أو زاد المعاد، وهكذا مع العناية بالإجابة على أسئلة الأخوات.

    خامساً: الاستعانة في هذا كله بالدعاء بأن يجعلك الله من مفاتيح الخير ودعاة الهدى وأن يستعملك في طاعته وأن يفتح عليك من خزائن جوده وكرمه، والله تعالى أعلم.

  • طهارة الإناء الذي ولغ فيه الكلب

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم {طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعاً الأولى بالتراب} فهل إذا اكتفى الإنسان بالماء فقط حتى زالت عين النجاسة لا يطهر الإناء أبداً وبالتالي يعتبر مصدراً لانتقال النجاسة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا} متفق عليه، وفي رواية لأحمد ومسلم: {طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب} وعملاً بهذه الرواية الصحيحة فقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوب التتريب والتسبيع لطهارة الإناء الذي ولغ فيه الكلب وأنه لا تتحقق طهارته إلا بذلك، أما المالكية فإن الأمر عندهم تعبدي لا لنجاسة عين الكلب، وحمل بعض العلماء الأمر على الندب، والراجح ـ والله أعلم ـ وجوب التسبيع والتتريب لثبوت ذلك في الرواية الصحيحة التي لا تعارضها رواية في مثل قوتها، والعلم عند الله تعالى.

  • استعمال السواك داخل المسجد

    هل يجوز استعمال السواك داخل المسجد وفي صف الصلاة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء} أخرجه مالك وأحمد والنسائي وصححه ابن خزيمة، وذكره البخاري تعليقا. وقد ورد في الأحاديث ما يدل على أن السواك من سنن المرسلين وأنه من خصال الفطرة وأنه مرضاة للرب مطهرة للفم وأن فضل الصلاة التي يستاك لها سبعون ضعفاً، إلى غير ذلك من الفضائل، وهو سنة. قال النووي: بإجماع من يعتد به في الإجماع. مستحب في كل وقت لكن يتأكد استحبابه في خمسة أوقات: عند الوضوء، وعند الصلاة، وعند تغير الفم، وعند قراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم. قال ابن دقيق العيد: السر فيه ـ أي في السواك عند الصلاة ـ أنَّا مأمورون في كل حال من أحوال التقرب إلى الله أن نكون في حالة كمال ونظافة؛ إظهارا لشرف العبادة، وقد قيل: إن ذلك الأمر يتعلق بالملك، وهو أن يضع فاه على فم القارئ ويتأذى بالرائحة الكريهة. فسُنَّ السواك لأجل ذلك.أ.هـ

    قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام: هل يسن ذلك للمصلي وإن كان متوضئاً كما يدل له حديث: {عند كل صلاة}؟ قيل: نعم يسن ذلك، وقيل لا يسن إلا عند الوضوء؛ لحديث {مع كل وضوء} وأنه يقيد إطلاق {عند كل صلاة} بأن المراد عند وضوء كل صلاة. ولو قيل: إنه يلاحظ المعنى الذي لأجله شرع السواك، فإن كان قد مضى وقت طويل يتغير فيه الفم بأحد المتغيرات التي ذكرت وهي: أكل ما له رائحة كريهة، وطول السكوت، وكثرة الكلام، وترك الأكل والشرب،  شرع وإن لم يتوضأ وإلا فلا لكان وجه.

    وعليه: فلا حرج في استعمال السواك داخل المسجد وفي صف الصلاة مع الاحتراز من أن يخرج شيء من الدم من فمه؛ وذلك خروجاً من خلاف العلماء، والله تعالى أعلم.

  • مكاتب كانت حمامات فهل يجوز أن أصلي فيها؟

    أعمل بمصلحة صينت فيها المباني فأصبحت بعض المكاتب دورات مياه، ودورات المياه القديمة أصبح بعضها كفتريات وبعضها مكاتب، فهل يجوز لي أن أصلي الضحى والظهر في هذا المكتب مع العلم أن هذه الحمامات كانت سايفون وتم تكسيرها وتغيير الأرضية بسيراميك جديد؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج عليك من الصلاة في هذه المكاتب التي كانت في الأصل حمامات، ما دامت قد غُيِّرت أرضها وطُيِّبت ببلاط جديد، وسواء في ذلك الفريضة كالظهر أو النافلة كالضحى، ودليل ذلك أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بُني في أرض كان جزء منها في الأصل قبوراً للمشركين؛ كما في الصحيحين ومسند أحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: {كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لبني النجار، وكان فيه نخل وخِرَبٌ وقبور من قبور الجاهلية، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثامنوني. فقالوا: لا نبغي به ثمناً إلا عند الله جل جلاله فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل فقُطع، وبالحرث فأفسد، وبالقبور فنبشت، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يصلي في مرابض الغنم حيث أدركته الصلاة} قال الحافظ رحمه الله في الفتح: فيه جواز نبش القبور الدارسة، وأنه إذا أزيل ترابها المختلط بصديدهم ودمائهم جازت الصلاة في تلك الأرض، وجواز اتخاذ موضعها مسجداً إذا طيبت أرضه.أ.هـ

زر الذهاب إلى الأعلى