الفتاوى

  • تنوع الأذكار في الصلاة الواحدة

    علمت أن تنوع الأذكار في الركوع والسجود يساعد في جلب الخشوع، وسؤالي هو: هل المقصود تنوع الذكر داخل الصلاة الواحدة؟ أم إذا بدأت الصلاة بذكر معين أستمر فيه وتكون الصلاة الأخرى بذكر آخر؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فمن الأذكار ما لا يمكن تنويعه في الصلاة الواحدة كدعاء الاستفتاح مثلاً؛ فإنه لا يتصور الجمع بين أدعية الاستفتاح الواردة في السنة في صلاة واحدة؛ لأن دعاء الاستفتاح لا يكون إلا في الركعة الأولى؛ وأما إذا كان الذكر يتكرَّر بتكرُّر سببه -كالركوع مثلاً – فلا مانع من تعديده؛ كأن تقول في ركوعك في الركعة الأولى مثلاً: سبحان ربي العظيم، وفي الثانية: سبحان ربي العظيم وبحمده، وفي الثالثة: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، وفي الرابعة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وهكذا في سجودك تنوع فتقول في سجدة: سبحان ربي الأعلى، وفي أخرى: سبحان ربي الأعلى وبحمده، وفي ثالثة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وفي رابعة تدعو وهكذا، والله تعالى أعلم.

  • تكرار الأذكار دون تركيز

    الذكر كالتسبيح والصلاة علي الرسول صلى الله عليه وسلم بالسبحة وأنا غير منتبه؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالذكر الذي يترتب عليه الأجر الكامل هو الذي يتواطأ فيه القلب مع اللسان، وأهله هم الجديرون بقوله تعالى {والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعدَّ الله لهم مغفرةً وأجراً عظيما} ودون ذلك من يذكر الله بلسانه دون أن ينتبه بقلبه، لكن هو خير ممن لا يذكر الله أصلا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره مثل الحي والميت) والله الموفق

  • قراءة القرآن بالقلب دون تحريك الشفتين

    أنا كنت أقرأ القرآن في سري من المصحف، وأيضاً الصلاة في سري كلها، علي أن المرأة لا ترفع صوتها، وأيضاً التسبيح كنت أسبح في سري، لم أعرف انه يجب عليَّ تحريك اللسان والشفتين؛ فما الحكم عليَّ؟ وهل يمكن أن أحرِّك لساني في فمي من غير أن أحرِّك شفتي في الذكر والتسبيح والصلاة؟ لأني لم أتعود على ذلك فأجد نفسي أذكر سراً ولم نكن نعرف بهذا من قبل إلا قريباً في الإذاعة والتلفزيون في القنوات الدينية!! فهل علينا إثم وهل ما فعلناه من قبل لم نؤجر عليه؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالواجب عليك ـ أمة الله ـ أن تطلبي العلم ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ وذلك بحضور مجالسه والمطالعة في كتب أهله والإكثار من السؤال عما يشكل عليك، ولا شك أن القنوات التي تبث العلم النافع قد أتت أكلها كل حين بإذن ربها، وما زالت معين خير لكثير من الناس، أسأل الله أن يجزي القائمين عليها خيراً وأن يبارك في جهودهم

    والمطلوب في القراءة والذكر تحريك اللسان والشفتين، وأما إجراء القراءة أو الذكر على القلب دون تحريك للسان والشفتين فإنما هو حديث نفس ليس إلا؛ فعودي نفسك على ذلك حتى تصح عبادتك وقراءتك؛ وما مضى من صلاتك فأنت معذورة فيها بعدم علمك، والله غفور رحيم

  • أذكار الركوع والسجود

    فضيلة الشيخ.. السلام عليكم ورحمة الله

    السؤال: هل يجوز لي أن أقول (مرة واحدة) في الركوع أو السجود “سبحان الله وبحمده” وغيره بدلاً من ثلاث مرات بحجة أنني أريد أن أدعوا الله. وجزاكم الله خيرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فلا حرج في أن يكون الذكر في الركوع أو السجود مرة واحدة، ولو زدت لكان خيراً لك؛ مع العلم بأن قول (سبحان الله وبحمده) ليس من أذكار الركوع أو السجود، بل المسنون في الركوع أن تقول: (سبحان ربي العظيم) أو (سبحان ربي العظيم وبحمده) أو (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) أو (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) أو (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) وأما في السجود فالمسنون أن تقول (سبحان ربي الأعلى) أو (سبحان ربي الأعلى وبحمده) أو (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) أو (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) أو (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) والأفضل أن تقول هذا تارة وهذا تارة لتكون عاملاً بالسنة كلها، والله الموفق والمستعان.

  • هل هذه الأذكار من السنة؟

    بعد صلاة الفجر كل يوم أقوم بالآتي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (عشر مرات) ثم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم (عشر مرات) ثم الاستغفار (عشر مرات) – سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته (ثلاث مرات) ثم أدعو دعاء طويلاً. وبعد ذلك قراءة سورة يس والواقعة والملك، ثم سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (مائة مرة) الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم (مائة مرة) لا حول ولا قوة إلا بالله (مائة مرة) والاستغفار لأكثر من مائة مرة حتى أنام مرة أخرى. هل هذا العمل يعتبر ضمن الأذكار الواردة بالسنة أم هو مخالف للسنة؟ مع العلم أني أقوم بذلك منذ أكثر من ستة أعوام بصورة منتظمة. وجزاكم الله خيرا.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فعقيب صلاة الفجر يسن لك أن تأتي بالذكر المسنون بعد التهليل الذي ذكرته، وهو أن تسبح الله وتحمده وتكبره ثلاثاً وثلاثين، ثم تمام المائة {لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} ثم تقرأ آية الكرسي مرة، ثم الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات، وما تأتي به بعد ذلك من الأذكار التي وردت في سؤالك فلا محظور فيها، وأنصحك بمراجعة كتاب (الأذكار) للنووي، أو كتاب (حصن المسلم) للقحطاني، والله تعالى أعلم.

  • ذِكر الله باسمه المفرد

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته شيخ عبد الحي يوسف جزاكم الله عنا كل خير ووفقكم إلى ما فيه الخير إن شاء الله لو من الممكن عندي عدة اسئلة:-

    أنا في بلد من البلدان الأوربية ولديَّ صديقي ينتمي لأحدى الطرق الصوفية، في الواقع هو ليس صديق ممكن أن يعتبر كجار لي، تعرفت عليه من فترة ولكنه يدعوني لعمل حلقة ذكر في بيته (في حلقة الذكر نكون أنا وهو في غرفة واحد ونذكر الله بقول “لا إله إلا الله” في السر) ولكن المشكلة أنه في كل مرة يقول بالذكر بقول “الله” اسم الله المفرد ويقوم بتكرارها عدة مرات!! وفي أول مرة قمت بالرفض ولم أقم بقول “الله” وحدها كذكر لأن هذا الأمر لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتالي أحسست أن هذا الكلام لم يرضه وأخذ يعلل بأن الذكر بكلمة “الله” وحدها وارد في القرآن، في الحقيقة أن شيخ الطريقة الذي ينتمي إليه هذا الشخص يعطيهم كتاب للأوراد يسميها الوظائف وظيفة السفر يقوم باستبدال أذكار السفر الواردة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بأذكار أخرى.

    والذكر بقول “يا لطيف” وحدها وقام صديقي بإعطائي دلائل من القرآن والله أعلم إن كان كلامه صحيحا؟؟ مثلاً في سورة المزمل “واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا” وسورة الأعلى “”قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى”” سؤالي ما حكم هذا الذكر وأيضا صديقي يقول لي: إن الشخص إذا أراد الوصول إلى الله لابد أن يكون له شيخ! والحمد لله لقد وفقني الله إلى الالتزام في الدين ولكني غير مقتنع بموضوع لزوم الشيخ المربي

    سؤال آخر أنا في دولة من الدول الأوربية وفي مسجد الحي يقوم الإمام بالقراءة بسرعة من دون خشوع ومن دون ترتيل والالتزام بالأحكام أحيانا والإمام من الجزائر ولديه مشكلة في نطق الضاد بدل قول “ولا الضالين” يقول “ولا الظالين”!! ما الحكم؟؟

    ومشكلتي الأخرى انني لا أشعر بالخشوع في الصلاة معه لدرجة أني في أغلبية الصلوات السرية لا أقوم بالانتهاء من سورة الفاتحة ويقوم الإمام بالركوع مع العلم في أغلبية الأحيان عندما أصلي وحدي في البيت أشعر بالخشوع لأني آخذ وقتي للصلاة وأيضا في هذا المسجد أغلبية المصلين من كبار السن وعندما لا يتواجد الإمام يقومون بتقديم أي أحد فيهم مع العلم أنني أصلي في أغلبية الأوقات في المسجد والحمد لله أنعم الله علي ببعض المعرفة في أحكام القراءة والتجويد هل من الواجب أن أتقدم للإمامة؟؟ وماذا أفعل في مسألة سرعة الإمام في الصلاة؟؟

    عندي مشكلة في غازات بطني وبهذه المشكلة أعيد وضوئي كثيرا في بعض المرات إلى 3 أو 4 مرات، ماذا أفعل في حال خروج الريح ومتى يجب أن أعيد ووضوئي ومتى لا يجب؟

    وأريد أن أعرف حكم المسح على الجورب ومتى يمكننا المسح؟

    سؤالي الأخير يا شيخ إن شاء الله عندي نية في طلب العلم الشرعي بعد الانتهاء من دراسة الهندسة، أريد أن أعرف ما هي المراجع التي تدرس في العلم الشرعي لأني إن شاء الله أريد أن أكون داعية إلى الله هل يجب الإلمام بصحيح البخاري أم صحيح مسلم وأريد أن أعرف أسماء المراجع حتى أتمكن من الاطلاع عليها منذ الآن.. جزاك الله خيرا وآسف علي الإطالة..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله أن يرزقنا جميعاً العلم النافع والعمل الصالح، أما بعد.

    فليس الذكر بالاسم المفرد من السنة، ولا هو مقتضى قوله تعالى {واذكر اسم ربك} ولا قوله تعالى {وذكر اسم ربه فصلى} وكلام صاحبك تلبيس ليس إلا، ويتضح لك ذلك بمراجعة تلك الآيات في أي كتاب من كتب التفسير المعتمدة، ويا أخي لا أنصحك بالانتماء إلى طريقة ولا التزام شيخ، فما زال الصالحون – سلفاً وخلفاً – على خير عظيم دون انتماء إلى طريقة، بل يسألون أهل الذكر ويتفقهون في الدين ويحرصون على العمل الصالح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وتلك سبيل النجاة، أما الطرق الصوفية الموجودة في زماننا فكثير منها لا يسلم من بدع عقدية، وأكثرها لا يسلم من البدع العملية، وقد قال صلى الله عليه وسلم «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»

    وإمام المسجد إن كانت صلاته تفتقد ركن الطمأنينة فلا تصل معه؛ بل صل في البيت وحدك؛ لأن الطمأنينة ركن لا تصح الصلاة إلا به، وأما إذا كان هذا الركن متحققاً لكنه يخفف في صلاته فعليك أن تصلي معهم، وإذا غاب الإمام وأنت تحسن الصلاة فما ينبغي لك أن تتأخر حتى يتقدم من ليس أهلاً، بل سارع أنت وقم بإمامة الناس لأن هذا فرض متعين في حقك، وكون الإمام ينطق الضاد بصورة أقرب إلى الظاء فإن هذا مما يتسامح فيه لقرب مخرجيهما.

    وهذه الغازات التي تخرج منك بغير إرادة يسميها العلماء بانفلات الريح، والواجب عليك أن تطلب العلاج عند الطبيب، وإلى أن يحصل ذلك فعليك أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ولا يضرك ما يخرج بعد ذلك سواء كان في الصلاة أم قبلها؛ إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

    وأما المسح على الجورب فمشروع؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ في المسند والسنن ـ أنه توضأ فمسح على الجوربين والنعلين، قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى: هذا حديث حسن صحيح وهو قول غير واحد من أهل العلم.ا.هــــــ قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله في شرح الترمذي: الْجَوْرَبُ غِشَاءٌ لِلْقَدَمِ مِنْ صُوفٍ يُتَّخَذُ لِلدِّفْءِ وَهُوَ التِّسْخَانُ.ا.هـــــ

     ولما ثبت في سنن أبي داود عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ:  بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ؛  فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ.قال  البغوي رحمه الله تعالى في شرح السنة: أصل التساخين: كل ما يسخن القدم من خف وجورب ونحوه.ا.هــــــــ  ولأن الجورب في معنى الخف؛ ولأن المشقة تحصل بخلعه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الإنسان في ببته  أو خارجه؛ لأن الرخصة ثابتة للجميع. قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ:  مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ تَحْتَهُمَا جَوْرَبَانِ، وَكَانَ قَاصِدًا بِمَسْحِهِ ذَلِكَ إِلَى جَوْرَبَيْهِ لَا نَعْلَيْهِ وَجَوْرَبَاهُ لَوْ كَانَا عَلَيْهِ بِلَا نَعْلَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، فَكَانَ مَسْحُهُ ذَلِكَ مَسْحًا أَرَادَ بِهِ الْجَوْرَبَيْنِ فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ فَكَانَ مَسْحُهُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ هُوَ الَّذِي تَطْهُرُ بِهِ وَمَسْحُهُ عَلَى النَّعْلَيْنِ فَضْلٌ.ا.هـــــــــــــــــــ وَقَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي تَهْذِيبِ السُّنَنِ: قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ يُرْوَى الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَأَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالْبَرَاءِ وَبِلَالٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو أُمَامَةَ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا اِنْتَهَى كَلَامُ اِبْنِ الْقَيِّمِ .ا.هـــــــــــــــ

    وقال الإمام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى في فتاواه: يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَ يَمْشِي فِيهِمَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُجَلَّدَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، فَفِي السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ إِنَّمَا هُوَ كَوْنُ هَذَا مِنْ صُوفٍ وَهَذَا مِنْ جُلُودٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفَرْقِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الشَّرِيعَةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جُلُودًا أَوْ قُطْنًا أَوْ كَتَّانًا أَوْ صُوفًا كَمَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ سَوَادِ اللِّبَاسِ فِي الْإِحْرَامِ وَبَيَاضِهِ، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْجِلْدَ أَبْقَى مِنْ الصُّوفِ وَهَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ كَمَا لَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الْجِلْدِ قَوِيًّا، بَلْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى مَا يَبْقَى وَمَا لَا يَبْقَى، وَأَيْضًا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا كَالْحَاجَةِ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ، وَمَعَ التَّسَاوِي فِي الْحِكْمَةِ وَالْحَاجَةِ يَكُونُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَهَذَا خِلَافُ الْعَدْلِ وَالِاعْتِبَارِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ كُتُبَهُ وَأَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ .ا.هــــــــــــــــــ

    ولا بد أن تعلم أن المسح عليهما مقيد بشروط بعضها في الماسح وبعضها في الممسوح؛ فالماسح لا بد أن يكون قد لبسهما على طهارة كاملة، أي بعد أن يتوضأ، وأن يكون الحدث الموجب للوضوء حدثاً أصغر – كبول ونوم وغائط – ولا بد أن يتقيد بمدة المسح التي هي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر؛ لحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: كنت في الجيش الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثاً إذا سافرنا، ويوماً وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما إلا من جنابة. رواه أحمد وأصحاب السنن.وأما الممسوح إذا كان خفاً أو نعلاً غير ملبوس على جوربين فلا بد أن يكون ساتراً لمحل الفرض الذي هو القدم كله إلى الكعبين. صفيقاً لا يبدو لون البشرة من تحته، وكان سليماً لا يبدو منه ثلث القدم فأكثر.

    وصفة المسح هي أن يكتفي بالمسح على ظهر الخفين أو الجوربين أو النعلين مسحاً خفيفاً، ولا يمسح على باطنهما مما يلي الأرض. لما روى أبو داود وغيره أن علياً رضي الله عنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه. وله  أن يمسح ظاهر قدمه اليمنى بيده اليمنى، وظاهر قدمه اليسرى بيده اليسرى مرة واحدة. والعلم عند الله تعالى.

  • هل يجب الحمد قبل الذكر؟

    هل يجب قبل ان اسبح الله او قبل الذكر وبعده ان نقول الحمد لله والصلاه على الرسول علية الصلاة والسلام ام ليس واجبا فمثلا عندما اود قول (لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شي قدير ) مئة مرة هل يجب ان اقول قبلها وبعدها الحمد لله والصلاة والسلام على الرسول عليه افضل الصلاة والسلام؟ام ليس ضروريا ؟ لان هذا الموضوع يصعب علي الذكر والتسبيح. وهل مثلا ان اقول سبحان الله وبحمده 100 مرة مثلا هل يجب ايضا ان اقول قبلها وبعدها الحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟؟؟ام لا؟ ومثلا وانا اعمل او اسير واردت ان اذكر الله او ان اسبح او استغفر الى ان انهي عملي هل يجب ان افعل ذلك ايضا؟ هذا السؤال مهم جدا بالنسبة لي لان هذا الموضوع يمنعني من الذكر الكثير او التسبيح او الاستغفار الكثير والوسواس عندي كبير لذلك ارجو مهما كان الجواب ان تعطوني مثال واضح .ارجو ان يكون سؤالي واضحا وارجو منكم الجواب ولكم جزيل الشكر وانشاء الله يكون بميزان حسناتكم وشكرا

    الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فلا يجب عليك بدء الأذكار بالحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. بل الأمر واسع. وهذا التخييرُ صريحٌ في حديث سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ). صحيح مسلم 11/77، حديث 3985. وترجم لها ابن حبان (ذكر البيان بأن هذه الكلمات من خير الكلمات لا يضر المرء بأيهن بدأ). صحيح ابن حبان 4/163. وأما في الدعاء فيستحَب البدء والختام بحمد الله والصلاة على رسول الله. والله تعالى أعلم.

  • التوفيق بين الجهاد والذكر

    السلام عليكم ورحمة الله.. جزاكم الله خيرًا، وبارك الله فيكم..

    سؤالي عن التوفيق بين حديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه الذي يقول فيه: “الجهاد ذروة سنام الإسلام” والحديث الذي فيما معناه أن الذكر خير لنا من أن نلقى العدو فنضرب أعناقهم ويضربوا أعناقنا. بارك الله فيكم، ونفعنا وإياكم بالذكر الحكيم وبكلام سيد المرسلين.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فشكر الله لك هذا السؤال الذي يدل على حسن تفهم لسنة النبي صلى الله عليه وسـلم وبحث في مضامينها، والحديث الأول الذي تسأل عنه رواه الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال “لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت” ثم قال “ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} حتى إذا بلغ {يعملون} ثم قال “ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟” قلت: بلى يا رسول الله، قال “رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد” ثم قال “ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟” قلت: بلى يا رسول الله؛ فأخذ بلسانه وقال “كفَّ عليك هذا” قلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال “ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم – أو قال على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم؟” قال الترمذي: حديث حسن صحيح

    وذروة كل شيء أعلاه، وذروة سنام البعير: طرف سنامه والجهاد لا يقاومه شيء من الأعمال كما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسـلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد قال “لا أجده” ثم قال “هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر؟” فقال: ومن يستطيع ذلك؟ هذا يدل على أنه أفضل الأعمال بعد الفرائض، كما هو قول الإمام أحمد وغيره من العلماء. وقوله في رواية الإمام أحمد “والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه ولا اغبرت قدم في عمل يبتغى به درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله عز وجل” يدل على ذلك صريحا. وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال “إيمان بالله وجهاد في سبيله” وفيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسـلم قال “أفضل الأعمال إيمان بالله، ثم جهاد في سبيل الله” والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا.

    وأما الحديث الثاني فقد رواه مالك في الموطأ موقوفاً على أبي الدرداء رضي الله عنه قال: “أَلاَ أَخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ لَكُمْ، أَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللهِ” ورواه الإمام أحمد عن أبي الدرداء كذلك يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسـلم. قال الشيخ الأرناؤوط: إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح غير أبي بحرية -واسمه عبد الله ابن قيس- فمن رجال أصحاب السنن، وهو ثقة، لكن اختلف في رفعه ووقفه، وفي إرساله ووصله.ا.هـ وأخرجه كذلك الترمذي وابن ماجه

    وللعلماء رحمهم الله تعالى مسالك في الجمع بين الأحاديث الدالة على أن الذكر أفضل العمل والأحاديث الدالة على أن الجهاد لا يعدله شيء:

    المسلك الأول: من يرى أن الذكر المراد في تلك الأحاديث إنما يحمل على ذكر الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وممن قال بذلك أبو الوليد الباجي رحمه الله تعالى في شرحه لموطأ مالك المسمى بالمنتقى حيث قال: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

    أَحَدُهُمَا: ذِكْرٌ بِاللِّسَانِ.

    وَالثَّانِي: ذِكْرٌ عِنْدَ الْأَوَامِرِ بِامْتِثَالِهَا وَعِنْدَ الْمَعَاصِي بِاجْتِنَابِهَا وَهُوَ ذِكْرٌ.

    ثم قال: وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ عَلَى ضَرْبَيْنِ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَالْوَاجِبُ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسَلُّمِ فِيهَا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ وَالْمَنْدُوبُ إلَيْهِ سَائِرُ الْأَذْكَارِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَأَمَّا الْوَاجِبُ مِنْ الذِّكْرِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْضُلَ عَلَى سَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِنْ الْجِهَادِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا فَيُقَالُ إنَّ ثَوَابَ الْمُصَلِّي أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ غَيْرِهِ إمَّا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِمَّا فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَوْ عَلَى حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ إلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْضُلَ عَلَى سَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا لِمَعْنَيَيْنِ:

    أَحَدُهُمَا: أَنَّ الثَّوَابَ عَلَيْهِ أَعْظَمُ وَهَذَا طَرِيقَةُ الْخَبَرِ.

    وَالثَّانِي: كَثْرَةُ تَكَرُّرِهِ وَهَذَا يُعْرَفُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالنَّظَرِ.ا.هــــ

    المسلك الثاني: أن الأفضلية ليست على الإطلاق وإنما باعتبار حال المخاطبين؛ ومن القائلين بذلك الشيخ ابن دقيق العيد فقال رحمه الله تعالى في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: وَاَلَّذِي قِيلَ فِي هَذَا: إنَّهَا أَجْوِبَةٌ مَخْصُوصَةٌ لِسَائِلٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهِ. أَوْ هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ الَّتِي تُرْشِدُ الْقَرَائِنُ إلَى أَنَّهَا الْمُرَادُ. وَمِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ؟» وَفَسَّرَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ، أَوْ مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهِمْ، أَوْ مَنْ هُوَ فِي صِفَاتِهِمْ. وَلَوْ خُوطِبَ بِذَلِكَ الشُّجَاعُ الْبَاسِلُ الْمُتَأَهِّلُ لِلنَّفْعِ الْأَكْبَرِ فِي الْقِتَالِ لَقِيلَ لَهُ “الْجِهَادُ” وَلَوْ خُوطِبَ بِهِ مَنْ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْقِتَالِ وَلَا يَتَمَحَّضُ حَالُهُ لِصَلَاحِيَّةِ التَّبَتُّلِ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ غَنِيًّا يَنْتَفِعُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ لَقِيلَ لَهُ “الصَّدَقَةُ” وَهَكَذَا فِي بَقِيَّةِ أَحْوَالِ النَّاسِ، قَدْ يَكُونُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ هَذَا مُخَالِفًا لِلْأَفْضَلِ فِي حَقِّ ذَاكَ، بِحَسَبِ تَرْجِيحِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي تَلِيقُ بِهِ.ا.هـــ

    وسلك الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى مسلكاً آخر هو أحكم وأبلغ فقال في الفتح: وَطَرِيقُ الْجَمْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ اللَّهِ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ الذِّكْرُ الْكَامِلُ وَهُوَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ ذِكْرُ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ بِالتَّفَكُّرِ فِي الْمَعْنَى وَاسْتِحْضَارِ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ أَفْضَلَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْضَارٍ لِذَلِكَ وَأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْجِهَادِ إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذِكْرِ اللِّسَانِ الْمُجَرَّدِ فَمَنِ اتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ جَمَعَ ذَلِكَ كَمَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَاسْتِحْضَارِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ حَالَ صَلَاتِهِ أَوْ فِي صِيَامِهِ أَوْ تَصَدُّقِهِ أَوْ قِتَالِهِ الْكُفَّارَ مَثَلًا فَهُوَ الَّذِي بَلَغَ الْغَايَةَ الْقُصْوَى وَالْعِلْمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّهُ مَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ إِلَّا وَالذِّكْرُ مُشْتَرَطٌ فِي تَصْحِيحِهِ فَمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ بِقَلْبِهِ عِنْدَ صَدَقَتِهِ أَوْ صِيَامِهِ مَثَلًا فَلَيْسَ عَمَلُهُ كَامِلًا فَصَارَ الذِّكْرُ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ حَدِيثُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عمله.ا.هـــ

    وأما الصنعاني رحمه الله في سبل السلام فقد نقل عن بعض العارفين أن الذِّكْرَ عَلَى سَبْعَةِ أَنْحَاءٍ فَذِكْرُ الْعَيْنَيْنِ بِالْبُكَاءِ وَذِكْرُ الْأُذُنَيْنِ بِالْإِصْغَاءِ وَذِكْرُ اللِّسَانِ بِالثَّنَاءِ وَذِكْرُ الْيَدَيْنِ بِالْعَطَاءِ وَذِكْرُ الْبَدَنِ بِالْوَفَاءِ وَذِكْرُ الْقَلْبِ بِالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَذِكْرُ الرُّوحِ بِالتَّسْلِيمِ وَالرِّضَاءِ. ثم قال: وَلَا تُعَارِضُهُ أَحَادِيثُ فَضْلِ الْجِهَادِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ الْأَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ ذِكْرُ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ وَالتَّفَكُّرُ فِي الْمَعْنَى، وَاسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ اللَّهِ فَهَذَا أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ وَالْجِهَادُ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ فَقَطْ. ا.هــــ

    وقال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود: وَالتَّحْقِيق فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَرَاتِب ثَلَاثَة الْمَرْتَبَة الْأُولَى ذِكْر وَجِهَاد وَهِيَ أَعْلَى الْمَرَاتِب قَالَ تَعَالَى {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَة فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا الله كثيرا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

    الْمَرْتَبَة الثَّانِيَة ذِكْر بِلَا جِهَاد فَهَذِهِ دُون الْأُولَى

    الْمَرْتَبَة الثَّالِثَة جِهَاد بِلَا ذِكْر فَهِيَ دُونهمَا وَالذَّاكِر أَفْضَل مِنْ هَذَا

    وَإِنَّمَا وُضِعَ الْجِهَاد لِأَجْلِ ذِكْر اللَّه فَالْمَقْصُود مِنْ الْجِهَاد أَنْ يُذْكَر اللَّه وَيُعْبَد وَحْده فَتَوْحِيده وَذِكْره وَعِبَادَته هُوَ غَايَة الْخَلْق الَّتِي خُلِقُوا لَهَا.ا.هـــ

  • العلاج بالسحر

    أنا مصاب بسحر لي أكثر من ثلاث سنوات، وكنت أرقي شبه يومي، وفترات يوماً على يد مجموعة من الشيوخ في الخرطوم، لا بوجد شيخ يرقى إلا ومررت عليه، الموضوع أثر عليَّ تأثيراً كبيراً في جميع نواحي حياتي، أسألكم الدعاء والإفادة عن جواز فك السحر بالسحر؟ وجزاكم الله خيرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فاعلم ـ أخي ـ أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن الله تعالى جاعل لمن اتقاه فرجاً ومخرجاً؛ فاستعن بالله ولا تعجز، وأكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار، وابتغ فيما ابتليت به أجراً وثواباً؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من ذنوبه وخطاياه} وخذ بالأسباب في طلب العلاج بالأسلوب الشرعي المباح؛ مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال {ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله}

    واعلم ـ أخي ـ أنه لا يجوز لك الذهاب إلى ساحر  ليفك عنك السحر؛ لأن الدم لا يطهره البول، وإتيان الساحر في ذاته معصية لله تستوجب توبة؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من أتى ساحراً أو عرافاً فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم} والتماس العلاج مقيد بألا يكون بمحرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم {تداووا ولا تداووا بحرام} رواه أبو داود في سننه، وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال {إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم}ومن أعظم المحرمات السحر فلا يجوز التداوي به ولا حل السحر به، لأن حل السحر بسحر مثله قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم من عمل الشيطان؛ ففي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال {إنها من عمل الشيطان}

    وبدلاً من ذلك واصل في العلاج الشرعي باستعمال الرقية الشرعية؛ وحبذا لو رقيت نفسك بنفسك اقتداء بالنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ولا تغفل عن الدعاء فإن الله يجيب دعوة من دعاه خاصة إذا كان مضطراً، قد قال سبحانه )أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء( وأسأل الله لك شفاء عاجلاً غير آجل.

  • الشيعة الإثني عشرية

    كثيراً ما نسمع هذه الأيام وعبر بعض القنوات الفضائية اتهامات توجه للطائفة الشيعية الاثني عشرية، والقول بأنهم يتهمون أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) بما اتهمها به أهل الإفك (نعوذ بالله). من خلال مطالعتكم الواسعة هل اطلعتم على شئ من هذه التهم، أم إنها مجرد افتراءات. ولكم جزيل الشكر الرجاء لو تكرمتم أن يكون الجواب على البريد الإلكتروني.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالشيعة الإمامية الاثني عشرية من الطوائف الضالة التي تعتقد جملة من العقائد الزائغة، والتي من بينها التعبد لله عز وجل بسب الصحابة الكرام رضي الله عنهم وعلى رأسهم الشيخان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، واعتقاد ردتهم جميعاً ـ إلا فليلا منهم ـ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كما أنهم يبغضون أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وعلى رأسهن عائشة وحفصة رضي الله عنهما، وكتبهم طافحة بذلك؛ وحصلت لهم الفضيحة الكبرى حين أتوا بها قبل أعوام ثلاثة إلى معرض الخرطوم الدولي؛ فأصدر فيهم مجمع الفقه الإسلامي ذلك البيان المشهور الموثق بذكر أسماء الكتب والأجزاء وأرقام الصفحات؛ بعد أن أغلق جناحهم بالمعرض المذكور، وأسأل الله أن يقي البلاد والعباد شرهم ومكرهم

زر الذهاب إلى الأعلى