الفتاوى

  • علاقة بريئة مع فتاة

    أود أن أطرح عليكم هذه المسألة؛ وذلك من أجل معرفة الحكم الشرعي المتوقف عليها؛ وهو أنني تجمعني علاقة حب صادقة مع فتاة منذ عدة سنوات؛ بعلم وقبول والدها وأهله بشأن هذه العلاقة؛ وذلك رغبة مني في الاقتران بها إذا أراد الله جل جلاله لنا هذا الأمر؛ وطوال هذه السنوات الماضية والتي تمر بنا الآن حرصنا وعاهدنا المولى أن نتجنب كل ما يُغضب رب العالمين؛ وذلك من حيث النظرات المحرمة والمصافحة واللمس وكذلك الخلوة واللقاءات الخارجية؛ بالإضافة إلى تبادل الصور التي تظهر عورات البدن إلى جانب كل كلام مثير يترتب عليه مفسدة ولله الحمد وفقنا في ذلك!! ونحن الآن نسير على هذا النهج الذي نريد له أن يتكلل بالمصلحة والمنفعة لنا في آخر الطريق؛ فكانت هذه العلاقة قائمة على النصح والتوجيه والاهتمام بالآخر بحكم الدراسة الجامعية التي تربطنا وما يتعلق بشؤون كلا العائلتين؛ فهي تدور في هذه الدائرة المباحة لنا بعيداً عن الإيذاء أو التشهير بالشرف والعرض، وبعيداً عن مواطن إثارة الشهوات الفاحشة فهي إذاً مقتصرة على الاتصالات الهاتفية بين الحين والآخر؛ فلا أكون مغالطاً أو مبالغاً حين أصرح بأن هذه العلاقة حفظتني من الانحراف والانزلاق خلف الشهوات؛ فهي شكلت لي بيئة محافظة متزنة أسير فيها على خُطى الإيمان!! فماذا تنظرون في هذه العلاقة وحكم ما أقوم به من الكلام على الهاتف مع الالتزام بالضوابط الشرعية؟ والله ولى التوفيق

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فهنيئاً لك أيها الأخ الكريم حرصك على عرض هذه المسلمة، وحفظك لنفسك من المهالك والشهوات، وهنيئاً لك أنك أتيت البيوت من أبوابها، وكانت علاقتك بتلك الفتاة بعلم أهلها ورضاهم، والواجب عليك أن تسعى في إتمام الزواج منها متى ما يسر الله لك ذلك، ولا تجعل من هذه العلاقة المثالية مقياساً تحض به غيرك على أن يحذو حذوك؛ فقلَّ من الناس ـ شباباً وفتيات ـ من يسلم من آثار تلك العاطفة المتوهجة في فترة الشباب الجامح، وقل من الناس من يلتزم حدود الله تعالى في تعامله مع الجنس الآخر، فاحمد الله على العافية، ولا يكن حرصك متجهاً على تعميم هذا النموذج الذي لا يتكرر في دنيا الناس كثيراً، وأسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأعراضنا، والله الهادي إلى سواء السبيل.

  • الخروج على السلطان الجائر

    هل يجوز الخروج على السلطان المسلم الجائر؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالواجب على السلطان المسلم أن يسير في رعيته بالعدل وأن يتقي الله فيهم، ويكون لهم كالراعي الشفيق على إبله يكنهم من الحر والقر ويرتاد لهم أطيب المراعي، ويكون لصغير المسلمين أباً ولكبيرهم ابناً ولمثيلهم أخاً؛ يسمع كلام الله ويسمعهم وينقاد إلى الله ويقودهم؛ رجاء أن يدخل في السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، وأولهم أمام عادل، والواجب على الرعية أن تطيع السلطان في طاعة الله وأن تناصحه فيما ولاه الله؛ عملاً بقوله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم} رواه مسلم.

    ولا يجوز للرعية طاعة السلطان في معصية الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم {إنما الطاعة في المعروف} رواه البخاري، وإذا حصل من السلطان المسلم نوع من الجور والظلم والقهر، فالله حسيبهم، ولا يجوز للرعية الخروج عليهم؛ ففي صحيح مسلم من حديث سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله: أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة، فجذبه الأشعث بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلتم} وفي صحيح مسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إنا كنا بشرٍّ فجاء الله بخير فنحن فيه؛ فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: نعم. قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟ قال: نعم. قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: نعم. قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قال: قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع}وفي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، فقلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة} وفي صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا}

    والهدي الوارد في هذه الأحاديث الصحيحة قد نص على العمل بها أئمة المسلمين، يقول القاضي عياض المالكي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: أحاديث مسلم كلها حجة في منع الخروج على الأئمة الجورة، وفي لزوم طاعتهم.أ.هـ وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في التمهيد: ذهبت طائفة من المعتزلة إلى منازعة الإمام الجائر، أما أهل الحق ـ وهم أهل السنة ـ فقالوا: الصبر على طاعة الجائر أولى، قال: والأصول تشهد والعقل والدين أن أعظم المكروهين أولاهما بالترك.أ.هـ يعني رحمه الله أن المفسدة التي تترتب على الخروج عليهم أعظم من مفسدة ظلمهم وجورهم. والله أعلم.

  • الخروج على الحاكم

    ما هو حكم الخروج على الحاكم المسلم في الأحوال التي تمر بها الدول العربية؟ وهل الظلم مبرر للخروج على الحاكم المسلم؟ أم يجب النصح له فقط والدعاء له بالهداية؟ أم الدعاء عليه وعدم الخروج عليه؟ مع ذكر الدليل من الكتاب والسنة. وهل حكم من يحكم بغير ما أنزل الله يدخل في الكفر الأكبر أم الأصغر؟ وإن لم يكن أحدهما فما الحكم؟ وما حكم من يكفرهم؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فأما النصح والدعاء بالهداية فهو مطلوب في حق كل إنسان حتى الكافر الأصلي؛ ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حال كفره، وكان يقاتل ثقيفاً ويدعو فيقول {اللهم اهد ثقيفاً وائت بهم} وأما مسألة الحكم بغير ما أنزل الله فقد سبق التفصيل فيها في هذا الموقع مراراً وخلاصة ذلك أن الحاكم بغير ما أنزل الله ـ في قضية أو نازلة ما ـ لهوى أو رشوة أو ميل إلى أحد الخصمين، كافر كفراً أصغر غير مخرج من الملة؛ أما إذا حكم بغير ما أنزل الله رغبة عما أنزل الله أو تفضيلاً لغير حكم الله على حكمه جل جلاله أو اعتقاداً منه أن الكل جائز فهذا كفر أكبر مخرج من الملة، وكذلك من شرع للناس تشريعاً يصادم به ما أنزل الله؛ فأحل حراماً أو حرَّم حلالاً مجمعاً عليه، وألزم الناس بالتحاكم إليه فهو كافر كفراً أكبر مخرجاً من الملة عياذاً بالله تعالى، وإذا شئت تفصيل هذه المسألة فارجع إلى رسالة (تحكيم القوانين الوضعية) للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية رحمه الله تعالى، أو إلى تفسير (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى، أو إلى كتاب (التوحيد) للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله.

    ثم إن الجواب على سؤالك أيها الأخ الكريم يقتضي تحقيق المناط في أمر حاكم تونس السابق مثلاً، هل هو حاكمٌ مسلمٌ ينطبق عليه ما ورد في النصوص الموجبة لطاعته، المحذِّرة من الخروج عليه؟ وقد استفاض من الأخبار ما يشيب له الوليد من تسلُّطه على عباد الله بالقهر؛ وتحليله ما حرَّم الله – كالخمور والفجور – ومنعه ما أوجب الله – كالحجاب – وتحريمه ما أحلَّ الله – كتعدد الزوجات – أضف إلى ذلك علاقته الوثيقة باليهود؛ حتى إنهم قد فجعوا لما أصابه وأظهروا الحسرة على ذهاب حكمه!! مع ما تواتر من الأخبار عن شديد مراقبته للمساجد وإحصائه الداخلين إليها والمتعبدين فيها، مع تسليطه زبانيته على الشباب الطيبين يسومونهم سوء العذاب!! وما ظهر بعد دوال دولته من عظيم سرقته وشدة خيانته للأمانة، أقول: من كانت هذه فعاله وتلك صفاته هل الخروج عليه محرَّم ممنوع أم سائغ مشروع؛ لأنه من الصنف الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم {إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان}؟ وما يقال عنه يقال كذلك عن حاكم مصر المخلوع الذي أراح الله المسلمين من شره وكيده وعدوانه.

    إن وجوب الصبر على الحاكم المسلم الذي يُحلُّ الحلال ويحرِّمُ الحرام ويرضخ لحكم الشريعة ويرى سيادتها على سائر الأحكام هو الذي نطقت به النصوص، وتواتر من هدي أئمتنا الأولين فصبروا على ما كان من ظلم الولاة وجورهم؛ من أمثال الحجاج بن يوسف مبير ثقيف، وأبي جعفر المنصور ومن كان مثلهم؛ لأنهم كانوا بالشريعة حاكمين، ولراية الجهاد رافعين، وبهدي الإسلام – في الجملة – عاملين، على ما كان فيهم من رهق وسفك للدماء.

    أما هؤلاء الذين تسأل عنهم فماذا ترى من ظاهر عملهم؟ إن المنصف يعلم أنهم يحاربون دين الله في كل واد، فيغيِّبون الشريعة، ويشجِّعون الخرافة، ويعملون على إلهاء الشعوب بكل باطل ومنكر، وأجهزة الإعلام التي يُشرفون عليها تنضح بما يندى له جبينُ كلِّ ذي مروءة، وفي الوقت نفسه يجفِّفون منابع التدين ما استطاعوا؛ حتى بلغ بهم الحال أن يسارعوا إلى إغلاق القنوات التي تقول للناس: ربي الله، وديني الإسلام، وقدوتي محمد صلى الله عليه وسلم خير الأنام!! بدعوى أنها تفسد الناس وتخالف الأعراف!!!! كما قال فرعون {ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} وأعظمُ من ذلك وأفحشُ ما كان منهم من موادة يهود وتغليب النصارى على المسلمين؛ حتى إنهم ما استحوا من الله ولا من الناس حين حاصروا غزة وفيها من أهل الإسلام الجمُّ الغفير، بل هدموا الأنفاق التي كان الأهالي يهرِّبون من خلالها بعض الدواء والغذاء، وعمدوا إلى رشِّها بالغازات السامة، وحبسوا المجاهدين – من حماس وغيرها – وساموهم سوء العذاب؛ حتى إن بعضهم مات تحت التعذيب، وفي الوقت نفسه كان حاكم مصر يبيع الغاز لليهود بسعر تفضيلي يترتب عليه أن تخسر مصر سنوياً ثلاثة مليارات من الدولارات!! وحين لجأ بعض الناس إلى القضاء؛ وحكم القضاء ببطلان ذلك البيع، سدَّ الحاكم أذنيه وأغمض عينيه وسدر في غيِّه، وكأن الأمر لا يعنيه!! {صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون} وأغلق معبر رفح أمام المرضى والعجزة، مع بناء الجدار الفولاذي على الحدود مع غزة، ومنع قوافل الغذاء التي جاءت من ناس – مسلمين وغير مسلمين – آلمهم ما يعانيه الناس في غزة، وحين أسلمت بعض النساء النصرانيات – ممن كُنَّ زوجات لكهان نصارى – عمد إلى تسليمهن للكنيسة دون وازع من دين أو خلق؛ ليتعرضن لأشد العذاب فتنةً لهن في دينهن وحملاً لهن على الكفر الذي فررن منه!!

    وأما حاكم ليبيا ففساده العقدي وسوء أدبه مع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم والصحابة الأخيار مما يعلمه القاصي والداني، وليس هو بالسر الذي يذاع، بل أكثر الناس يعلمون أنه قد رام تحريف القرآن، وأنكر حجية السنة، ولما ذهب إليه وفد من أهل العلم ليبيِّنوا له لازم قوله وما يترتب في حقه قال لهم: أنا أؤمن بالسنة الفعلية دون القولية!!! وزعم أن الحج ليس إلا شعائر وثنية ومظاهر جاهلية فيها تعظيم للأحجار والأصنام!! وهو الذي حرَّك الفتن في بلاد المسلمين – خاصة هذه البلاد – منذ أن ظهر التمرد الصليبي بزعامة قرنق ونهاية بأحداث دارفور، ولو أردنا أن نعرِّف بذلك الكفار الأثيم لقلنا: إنه المستهزئ بالله ورسوله، المكذِّب بآياته، المبدِّل لشرعه، العابث بالأموال والأعراض والدماء، الموقد نار الحرب على المسلمين متى ما استطاع، الذيال الميال، أسد على شعبه نعامة أمام أعداء الأمة من اليهود والصليبيين، حتى إنه – في حال من الخنوع والذل الذي يفتت الأكباد – عمد إلى دفع إتاوة عظيمة ليتخلص من تبعات إسقاط طائرة (أوكربي) التي اتهم بفعلتها، حتى دفع مقابل الواحد من أولئك القتلى عشرة ملايين دولار!!!! وعمد إلى تسليم الأسلحة التي اشتراها من كدِّ الشعب وعرقه إلى الصليبيين كاملة من غير سوء طلباً لودهم وحذراً من إغضابهم!!! فمن كانت هذه صفاته أيصح أن يقال: إنه إمام المسلمين الذي لا يجوز الخروج عليه؟ ((إن هذا لشيء عجاب))

    أما سؤالك عن الخروج فلا نسلِّم ابتداءً بأن المظاهرات – كالتي كانت في مصر أو تونس – خروج على الحاكم، بل هي وسيلة للتعبير عن الرأي تواضع عليها الناس في زماننا، مثلما تواضعوا على استخدام الوسائط الحديثة – الفيسبوك والتويتر وغيرها – في إنكار المنكر، إن المظاهرات وسيلة لإبلاغ رسالة الشعوب وشكواها من ظلم حكامها، وقد تواطأ على التعبير بها – في هذا الزمان – المسلمون وغيرهم؛ وليست المظاهرات غاية في ذاتها، حتى يقول البعض: إنها بدعة!! فيقال في الجواب: ومن قال إنها سنة حتى يقال له: بل هي بدعة!! إنها عادة ليس إلا، والأصل في العادات الإباحة ما لم تشتمل على محرَّم شرعاً، مع أن للقائل بجواز المظاهرات أن يستدل بخروج حمزة وعمر رضي الله عنهما؛ كل منهما على رأس صفّ من الصحابة – بعد إسلام عمر – ولهم كديد ككديد الطحين؛ حتى علت المشركين كآبة.

    إن المظاهرات التي لا تتضمن إتلافاً للممتلكات ولا انتهاكاً للحرمات إنما هي وسيلة من وسائل التعبير، ومن القواعد الشرعية أن للوسائل حكم المقاصد؛ فالحكم على مظاهرة ما بالحل أو الحرمة إنما يكون باعتبار الغاية التي من أجلها سيِّرت، ومعرفة الهدف الذي من أجله خرجوا، هل خرجوا لإنكار منكر أم إنكار معروف؟ هل خرجوا نصرة لحق أم باطل؟ هل خرجوا تعاوناً على البر والتقوى أم تعاوناً على الإثم والعدوان؟ هذه أسئلة من خلال الجواب عليها يتضح الحكم، ولا يصح إطلاق القول بالحل أو الحرمة هكذا.

    هذا وإن الواجب علينا أن نكثر من الدعاء بأن يلم الله شعث المسلمين، ويجمع شملهم، ويجعل ولايتهم في خيارهم، وينزعها من شرارهم، وأن يردهم إلى دينه رداً جميلاً؛ إنه خير المسئولين وخير المعطين، والحمد لله رب العالمين….

  • صلاة الحاجة

    صلاة الحاجة هل هي صحيحة؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فقد روى الترمذي وابن ماجة والحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  (من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصلِّ ركعتين ثم ليثن على الله وليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين) وهذه الصلاة قد ذكرها أئمة الإسلام في دواوينهم كالنووي في المجموع والأذكار وابن قدامة في المغني وغيرهما من أهل العلم، والحديث المروي فيها لا يقل عن درجة الحسن؛ فهي مشروعة إن شاء الله، والله تعالى أعلم.

  • بناء سور حول القبر

    أرجو من فضيلتكم إفادتي بالحكم الشرعي في بناء سور حول القبر؛ سواء كان حديداً أو طوباً ووضع لافتة تحمل الاسم. وبخصوص زيارة المقابر صبيحة العيد؟ وهل يجوز تخصيص يوم للزيارة مثل كل جمعة أو كل خميس؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فزيارة القبور عمل مبرور، وقد أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فثبت عنه أنه قال {كنت نهيتكم عن زيارة القبور؛ ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة} ولا بأس بأن يجعل الإنسان للزيارة يوماً تناسب حاله وطبيعة عمله كنهاية الأسبوع أو بدايته مثلاً، والأمر في ذلك واسع. ولم يرد في خصوص الزيارة يوم العيد أمر ولا نهي، لكن ما ينبغي هذا التخصيص؛ إذ العيد يوم للفرح والسرور وصلة الأرحام من الأحياء؛ أما الموتى فزيارتهم في غير العيد أفضل.

    وما ينبغي بناء سور حول القبر لا من حديد ولا طوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها والكتابة عليها؛ ولا بأس بوضع علامة تميز القبر عن غيره، والعلم عند الله تعالى.

  • هل المكياج حرام؟

    هل المكياج حرام كالنمص؛ حتى ولو كان للزوج بما فيه من تغيير لخلقة الله؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فليس في مكياج الزوجة لزوجها حرمة، بل هي مأجورة على حسن تبعُّلها له، وحرصها على إعفافه؛ وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة الصالحة هي التي إذا نظر إليها زوجها سرته، وقد قالت أمنا عائشة رضي الله عنها لإحدى النساء (لو استطعت أن تخلعي عينيك من محجريهما وتضعي غيرهما لزوجك فافعلي) وشأن المكياج شأن الكحل والطيب وغيره مما كانت تتزين به المرأة في الزمان الأول، وليس هو كالنمص أو الوشم أو الوشر في تغيير خلق الله، والله تعالى أعلم.

  • أحلام وكوابيس تتحقق

    أولا: الشكر أجزله لكم لما ظللتم تقدموه من نصح وإرشاد للمسلمين ونفع الله بكم، كلي أمل أن تعاجلوني بالإجابة في حل هذه المحنة، وهي:

    أنني أرى أحلاماً وكوابيس تتحقق كما هي على أرض الواقع فأراها بأم عيني، ما حلمت بشيء إلا وقد حصل كما رأيته في المنام أسال الله العافية، حتى أني حلمت أنني سوف أتوفى في فترة معينة من عمري لم تأت بعد، علماً بأنني أعاني من مسٍّ منذ زمن بعيد ذو تأثير علي، وأحس أن مشكلتي هذه مرتبطة بهذا المس، والله إني مداوم على أذكار الصباح والمساء الواردة في السنة وعلى مذهب أهل السنة والجماعة، وأقرأ القرآن، وأحياناً أختم المصحف الشريف مرتين في الشهر، وأستمع للتلاوة أيضا، وألتزم السنة في كثير من تفاصيل حياتي اليومية، ماذا أفعل يرحمكم الله، فقد بت أخشى النوم، أنتظر إجابتكم بفارغ الصبر، وجزاكم الله خيرا.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فيا أخي استعن بالله ولا تعجز، وواظب على ما أنت فيه من عمل صالح من الأذكار وقراءة القرآن، وأكثر من الدعاء بأن يقدر الله لك الخير حيث كان، واعلم بأن الجن لا يعلمون الغيب؛ كما قال ربنا سبحانه ((قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)) وقال سبحانه ((فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)) وهذا الذي يأتيك في منامك إنما هي رؤى صادقة، وقد قال عليه الصلاة والسلام {مضت النبوة ولم يبق إلا المبشرات} قيل: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال {الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له} قال المهلب: قال المهلب: التعبير بالمبشرات خرج للأغلب فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها اللّه المؤمن رفقاً به ليستعد لما يقع قبل وقوعه.ا.هـــــــ

  • النوم على جنابة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشيخ عبد الحي، وكل عام وأنتم وجميع الأمة الإسلامية بخير، هل يجوز تأخير الغسل من الجنابة حتى الفجر أم يجب ذلك من الليل؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فلا حرج في تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام بالليل وهو جنب دون أن يغتسل؛ ففي صحيح البخاري عن عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. وفي صحيح مسلم من حديث أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ. وفيه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ». والله تعالى أعلم.

  • حكم العمل في جهاز الأمن

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. نشكركم على مساعدة المسلمين عموماً على تبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم..

    السؤال:-

    1- هل العمل جائز بجهاز الأمن سواء كنت عسكرياً أو متعاونا؟؟

    2- هل المرتب الذي أتقاضاه حلال؟؟ ولكم جزيل الشكر..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فأسأل الله تعالى أن يزيدك ورعاً وتقى، وجواباً على سؤالك – أخي – أقول: إن وجود السلطان – ممثلاً في الجيش والشرطة والأمن والقضاء وما كان مثلها من أجهزة – أمر لا بد منه، ولا تستقيم حياة الناس بدونه؛ فلا بد للناس من إمرة برَّة أو فاجرة؛ وهذه الأجهزة كلها لا تخلو من مفاسد، لكن العبرة برجحان المصالح على المفاسد، والمنافع على المضار، ولو أن الطيبين والصالحين اعتزلوا العمل بها لما فيها من مفاسد لأفضى ذلك إلى شر عظيم؛ إذ سيغلب عليها أرباب الشر وأهل الفساد؛ ليعزوا من أذلَّ الله ويذلوا من أعزَّ الله، وعليه فلا حرج عليك في العمل في ذلك الجهاز، ما دامت نيتك إحقاق الحق وإبطال الباطل ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، والمال الذي تجنيه من عملك – بهذه النية – حلالٌ إن شاء الله، وأعيذك بالله أن يكون غرضك من تلك الوظيفة التسلُّطَ على خلق الله أو نيل مأرب من الدنيا ليس إلا، وقد قال سبحانه {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} والله الموفق والمستعان.

  • الدعاء الجماعي بعد حلقات العلم

    ما هو حكم الدعاء بصورة جماعية بعد حلقات العلم؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فحلق العلم من مظان الإجابة؛ لكونها محفوفة بالملائكة مغشية بالسكينة، وتتنزل على أهلها رحمات ربنا، وما زال أهل العلم الطيبون يختمون حلقهم بالدعاء ويؤمِّن على ذلك الحاضرون رجاء الإجابة، ومن أصح ما ورد في فضل الدعاء الجماعي في المسجد وغيره ما جاء في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله U تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم وهو أعلم: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك، فيقول: هل رأوني، فيقولون: لا والله ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً، فيقول: فماذا يسألون؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يتعوذون من النار؟ قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم}

    قال ابن تيمية رحمه الله: الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن إذا لم يتخذ سنة راتبة ولا اقترن به منكر من بدعة. انتهى وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله: هل يكره أن يجتمع القوم يدعون الله ويرفعون أيديهم؟ قال: ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد إلا أن يكثروا. انتهى قال ابن منصور: يعني يتخذوه عادة. وعليه فما ينبغي الإنكار على من دعا بعد حلق العلم ومجالس الذكر، والعلم عند الله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى