الفتاوى

  • النافلة بعد العصر والفجر

    ما هي أقوال العلماء في صلاة النافلة بعد صلاة العصر والصبح والصلوات ذوات الأسباب؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ونهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ونهى عن الصلاة حين يقوم قائم الظهيرة وحين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب، ففي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب} رواه البخاري، وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها} رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس} رواه البخاري. وفي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع؛ فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان؛ وحينئذ يسجد لها الكفار؛ ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة؛ فإن حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار} رواه مسلم. وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف للغروب حتى تغرب}رواه مسلم.

    ومن العلماء من حمل هذه النصوص على عمومها فقال بالمنع من النفل مطلقاً في هذه الأوقات سواء كانت من ذوات الأسباب ـ كتحية المسجد وصلاة الكسوف وصلاة الاستخارة وسنة الوضوء  ـ أو من غير ذوات الأسباب، وممن قال بذلك الحنفية والمالكية رحمهم الله جميعاً، ومن العلماء  من رخص في النوافل ذوات الأسباب وحمل النهي الوارد في هذه الأحاديث على النفل المطلق وهم  الشافعية والحنابلة رحمهم الله، والله تعالى أعلم.

  • تولي القضاء في ظل دولة لا تحكم بالشريعة

    معلوم أن غالب الدول الإسلامية لا تحكم الشريعة فهل يجوز تولي القضاء وممارسة المحاماة رغم عدم تحكيم الشريعة؟ وهل كل القوانين الوضعية تخالف الشريعة؟ وهل القانون الإداري والدولي والتجاري يمكن الاستفادة منه؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فواجب على كل مسلم أن يلتزم أحكام الشرع في نفسه ويلزم بذلك من تحته ممن ولاه الله أمرهم، وبهذا يخاطب الأولياء من آباء ومدراء ووزراء وولاة وأمراء وحكام وغيرهم، ومن خالف أحكام الشريعة فعليه الوزر بحسب ما وقع فيه، والأصل في هذا قول الله جل جلاله {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} وقوله سبحانه {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} وقوله سبحانه {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} وما عليه الحال في أغلب بلاد الإسلام إنما هو من آثار غربة الدين وتحكم المنافقين في مراكز صنع القرار، وهو وضع خاطئ يجب تصحيحه بمناصحة الحكام والمحكومين وبيان الحق لهم من كافة وجوهه حتى يرجعوا عما هم فيه من ضلال.

    وأما تولي القضاء في ظل تحكيم تلك القوانين الوضعية فهو مما اختلف فيه العلماء المعاصرون، ولعل الراجح والعلم عند الله تعالى هو القول بالجواز تحقيقاً لبعض المصالح أو درء لبعض المفاسد وإعمالاً لقاعدة الضرورة لئلا تضيع حقوق الناس ويتسور على منصب القضاء من ليس له أهلا، وهو ما رجحه العلامة الشيخ رشيد رضا رحمه الله في تفسير المنار.

    والقوانين الوضعية ليست كلها مخالفة للشريعة؛ فإن فيها قسماً يتعلق بالمجالات الإدارية والمدنية المنظمة لشئون الناس وهي من قبيل المصالح المرسلة التي لم تأت الشريعة بإعمالها ولا إلغائها، وفيها كذلك قوانين مناهضة للقوانين الشرعية مخالفة لها فيما يتعلق بالتحليل والتحريم أو نظام العقوبات ونحو ذلك، أما العمل بالمحاماة فلا حرج فيه إن كان قصد المحامي نصر المظلوم واستخلاص الحقوق لأهلها وإيصال حاجة من لا يستطيع إيصالها؛ إذ المحاماة في حقيقتها وكالة، وقد دلت النصوص الشرعية على أن الوكالة جائزة في الجملة، والعلم عند الله تعالى.

  • هل هذه الصيغة صحيحة للصلاة على النبي؟

    صديقتي أعطتني صيغة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزعمت أنها فرجت ما بها من كرب؛ لكن أبت نفسي إلا أن أتأكد هل هي صحيحة أم لا؟ وهي: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة عبد قلت حيلته ورسول الله وسيلته وأنت لها يا إلهي ولكل كرب عظيم وفرج عنا ما نحن فيه وبسر بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فيحمد لك ـ أمة الله حرصك على السؤال عن أحكام دينك والتحري عن الأمر قبل التلبس بالفعل، ثم اعلمي أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الأسباب في تفريج الهموم وتنفيس الكروب، وقد قال أبي بن كعب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: {يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت. قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال إذاً تُكفى همك ويغفر لك ذنبك} رواه أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحافظ في الفتح: إسناده حسن، قال ابن العربي المالكي رحمه الله: فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه؛ لدلالة ذلك على نصوع العقيدة وخلوص النية وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام للواسطة الكريمة صلى الله عليه وسلم.أ.هـ

    وأما أفضل الصيغ للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي الصلاة الإبراهيمية التي علمها صلى الله عليه وسلم أصحابه، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك، فكيف نصلي؟ قال: {قولوا: اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم} قُلْت: واستدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكيفية بعد سؤالهم عنها بأنها أفضل كيفيات الصلاة عليه؛ لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل.

    وعليه فالأفضل لك ـ أمة الله ـ أن تلتزمي بالصلاة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بدلاً من الصيغ التي لو سلمت من المؤاخذة الشرعية فهي ـ ولا شك ـ ليست خيراً من الصيغة التي  تعلمها الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست كذلك مثلها، والله تعالى أعلم.

  • العادة السرية بعد الزواج

    مارست الاستمناء بالكف عدة مرات وأقسمت بالله أن لا أعود إلى ذلك ثم عدت إليه؛ علماً بأنني متزوج وكان ذلك معي قبل الزواج، والآن أريد أن أقسم بالله لكي أعزم على عدم العودة ولكن يراودني شك بالرجوع إلى هذا الذنب العظيم فأتردد بعد القسم. نرجو الإفادة الصريحة مع الإرشادات.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    أولاً: اعلم أن العادة السرية حرام وضررها عظيم، وواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم؛ بالإقلاع عنه والندم على ما مضى والعزم على عدم العود، ويتوب الله على من تاب، واستعن على ذلك بالإكثار من الاستغفار وشغل وقتك بالنافع المفيد من الأعمال، ومما يعين على ذلك أن تكون دائماً مختلطاً بالناس ولا تجلسن وحدك لئلا يتسلل الشيطان إليك بتزيين تلك الفاحشة القبيحة.

    ثانياً: واجب عليك الاستغناء بما أحل الله عما حرم، وما دمت ذا زوجة فعليك بالرضا بما قسم الله لك، وإن كانت لا تكفيك فتزوج بأخرى، ففي الحلال غنية عن الحرام

    ثالثاً: عليك كفارة يمين فيما مضى من قسمك على عدم العودة إلى ذلك الذنب؛ وذلك بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من غالب قوت أهل البلد، أو كسوتهم لكل مسكين ثوب يجزئ في الصلاة، فإن عجزت فعليك صيام ثلاثة أيام، والله تعالى أعلم.

  • هل الزواج بالثانية يحل المشكلة؟

    تزوجت دون تريث في عملية الاختيار وزوجتي قليلة الالتزام الديني ومستواها التعليمي ضعيف؛ فأنجبنا طفلاً، والآن ننتظر ثانياً، ولكن زوجتي لا تلتزم بحقوق الزوج الشرعية وكثيراً ما ندخل في مشاجرات، فهل الزواج الثاني يحل هذه المشكلة أم ماذا نفعل؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالتريث في أمر الزواج واجب إلى أن يظفر المرء بذات الدين التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال {فاظفر بذات الدين تربت يداك} ويكون ذلك بسؤال أهل الخبرة والمعرفة بالفتاة المراد خطبتها ثم اللجوء إلى الاستخارة الشرعية، أما العجلة في هذا الأمر فقد تخلف ندامة لا تبارح المرء عمره كله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة؛ إن أمرها أطاعته؛ وإن نظر إليها سرته؛ وإن أقسم عليها أبرته؛ وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله}.

    والواجب عليك السعي في إصلاح زوجك عملاً بقوله تعالى )قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة( وذلك بزيادة وعيها الديني والتزامها بشرع ربها في مظهرها وجوهرها وفي علاقتها بربها وعلاقتها بك، وأما الزواج الثاني فهو حلال بكل حال، وليس مرتبطاً بصلاح الأولى من عدمه، والله تعالى أعلم.

  • صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء

    كنا على سفر وأردنا أن نصلي صلاة المغرب جمع تأخير مع العشاء، وبمسجد في الطريق وجدنا جماعة من الناس يصلون العشاء وهم مقيمون ليسوا على سفر؛ فأشكل علينا الأمر، فما ترون في هذه الحالة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا تصح صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء لاختلاف الصلاتين في عدد الركعات، وعند المالكية لا بد من اتحاد صلاة الإمام والمأموم في عين الصلاة وصفتها، ثم إن المسافر إذا ائتم بمتم وجب عليه الإتمام، ولو لم يدرك الصلاة من أولها، فالأولى بكم والحالة هذه أن تقيموا جماعة أخرى بعد فراغ الجماعة الأولى من صلاتهم، والعلم عند الله تعالى.

  • لديه شك في الإسلام

    هل نتحدث بما نعلم مع من لديه شك في الإسلام ويريد أن يهتدي؟ وكيف يكون التعامل معه؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فمن داخله شك في دين الله تعالى من مؤمن أو كافر وجب على أهل الإسلام مجادلته بالحسنى؛ عملاً بقوله تعالى {وجادلهم بالتي هي أحسن}ويدخل هذا أيضاً في باب الأمر بالمعروف الواجب على الأمة في مجموعها؛ عملاً بقوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} وينهض بهذا العبء من كان أهلاً له من العلماء الفضلاء ممن يحسنون بيان الحجة والجهاد بالقرآن {وجاهدهم به جهاداً كبيرا} ويستطيعون في الوقت نفسه دحض الشبهات وتفنيد الأباطيل والترهات.

    والتعامل مع هذا الإنسان يكون بدعوته والدعاء له كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من كانوا على غير الإسلام حيث كان يدعوهم إلى الإسلام ببيان محاسنه وعرض فضائله، ويدعو لهم بالهداية كما قال عليه الصلاة والسلام {اللهم اهد أم أبي هريرة} وقال {اللهم اهد ثقيفاً وائت بهم} وقال {اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام}، والله تعالى أعلم.

  • نصيحة لمن يخوض في الدعاة بالسوء

    بم تنصح من يخوض في الكلام عن الدعاة بالسوء؟ أرجو الإفادة حيث أكثر الناس من اللغو في هذا الأمر.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: {إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط} رواه أبو داود، فثبت بهذا الحديث وجوب توقير العلماء وإحسان الظن بهم وحمل أقوالهم على أحسن المحامل، ولا يعني هذا اعتقاد عصمتهم وأنهم لا يخطئون، بل هم بشر معرضون للخطأ والصواب؛ فلا مانع من التنبيه على أخطائهم بما يُحق الحق ويُبطل الباطل، وذلك دون أن نتعمد تتبع عثراتهم وإحصاء هفواتهم، بل الواجب علينا أن نحفظ لأهل العلم حرمتهم وأن نعرف لهم فضلهم، وإن أخطأ الواحد منهم فإننا نعتقد أن ذلك الخطأ أو تلك الهفوة مغمورة في بحر فضائله.

    أما إدمان الحديث بالسوء عنهم وتتبع ما وقعوا فيه من أخطاء فهو مسلك أهل الضلالة والهوى؛ فتجد الواحد من هؤلاء لا هم له إلا الطعن في النيات والمقاصد بدعوى أن مقصد ذلك الداعية خبيث، وأنه ذو نية خبيثة، وأنه صاحب فتنة عدو للسنة، أو أن فلاناً لا يحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك التندر عليهم في المجالس وطباعة الأشرطة في التشنيع عليهم والتحذير منهم بزعم أن خطرهم يفوق خطر اليهود والنصارى ونحو ذلك من الدعاوى العارية عن الدليل، والتي تشي بقلة الورع والخوف من الله تعالى.

    وعلى كل مسلم أن يعلم أنه لا أحد معصوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال مالك رحمه الله {كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم} ويقول ابن القيم رحمه الله: {فلو كان كل من أخطأ أو غلط تُرِكَ جملةً، وأُهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها} وعليه أن يعلم أن الأمور التي تنتقد على بعض الدعاة أو العلماء أمور اجتهادية يسوغ فيها الخلاف، وقد يكون الخلاف فيها قد حصل بين أسلافنا ولم ينكر بعضهم على بعض؛ فيأتي بعض هؤلاء محذراً بأن فلاناً قد خالف السنة وانحرف عن المنهج؛ إلى آخر تلك التهويلات التي غايتها صرف الناس عن أولئك الدعاة. إن الواجب على هؤلاء أن يتقوا الله جل جلاله وأن يعلموا أن لحوم العلماء مسمومة، وأن سنة الله في أخذ من انتقصهم معلومة، ومن وقع في أعراض العلماء بالثلب، ابتلاه الله قبل موته بموت القلب، وأذكر الجميع بقوله تعالى {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا}.

    فقد تكون الأمور التي ينتقد عليها بعض الدعاة أو العلماء أمور اجتهادية يسوغ فيها الخلاف ، وقد يكون الخلاف فيها قد حصل عند السلف فيأتي بعضهم مُهوّلاً أن فلاناً قد خالف في المسألة الفلانية، وأن هذا خلل في المنهج وانحراف عنه ؛ وليس الأمر كذلك. والله الهادي إلى سواء السبيل

  • أحتد في النقاش مع الوالدين

    أحتد كثيراً في مناقشاتي مع والدي مع علمي التام بخطورة غضب الوالدين وأن الجنة مربوطة برضاهما وبرهما؛ إلا أنني أفقد تركيزي تماماً عند المناقشة معهم وأشعر بالدماء الساخنة تغلي في رأسي، بل وأشعر كأنهم أنداد لي، وأعود بعد انتهاء المناقشة إلى الندم والحسرة، دعوت الله عز وجل مراراً بأن يصلح خلقي وأن يهديني إلى سواء السبيل، لكن سرعان ما ندخل في المشاكل عند أول مناقشة، انصحوني رجاء جزاكم الله خيرا.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فاعلم أن بر الوالدين من أعظم واجبات الدين، وهو من أعظم شعائر عباد الله المؤمنين، ومن برهما خفض الصوت عند خطابهما والتحفظ حال الكلام معهما؛ فيختار ألين الكلام وأطيب الألفاظ وخير الأساليب؛ طاعة لله تعالى وتعظيماً لحق الوالدين، أما الإغلاظ لهما ورفع الصوت عليهما وتعمد مجادلتهما فهو من علامات الخذلان والعياذ بالله تعالى، وعليه فالواجب عليك عبد الله جملة أمور:

    أولها: اللجوء إلى الله تعالى والإلحاح عليه سبحانه بأن يرزقك بر والديك والإحسان إليهما، وأكثر من الدعاء النبوي {اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت}.

    ثانياً: تجنب مناقشة والديك بل سارع لإنفاذ أمرهما ما لم يأمراك بمعصية الله جل جلاله وتنازل عن حظ نفسك وكرامة شخصك عملاً بقول ربك جل جلاله {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}

    ثالثاً: اقرأ في سير الصالحين وأخبار أولياء الله المقربين لترى كيف كان برهم بآبائهم وأمهاتهم؛ وأكثر من الاستماع للمواعظ النافعة؛ فإن ذلك يزيدك إيماناً وهدى إن شاء الله، والله تعالى أعلم.

  • الأكل في مطاعم ماكدونالدز

    أعيش في دولة غربية بها مطاعم أمريكية كثيرة ويصر أطفالي باستمرار أن يأكلوا في (ماكدونال) وأنا أمنعهم من ذلك؛ إلى أن أخبرني صديق لي بأن البيرقر المصنوع من لحم البقر يمكن أن يعد من طعام أهل الكتاب، ولكن لم يطمئن قلبي حتى الآن. أتمنى أن تفتونا في هذا الأمر.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالواجب على المسلم أن يحرص على الإقامة في ديار المسلمين التي يتاح له فيها تنشئة عياله على تعاليم الإسلام وهديه في الحياة دون أن يعرِّضهم لفتنة الإقامة في ديار الكفر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {أنا برئ من كل مسلم يقيم بين المشركين} وإن دعت ضرورة أو حاجة لإقامته في تلك البلاد فواجب عليه أن يتحرى الحلال في مطعمه ومشربه لعموم قوله تعالى)يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون( والغالب على طعام أهل الكتاب الذين تقيم بينهم ـ على فرض أنهم أهل كتاب ـ أنهم لا يُذكُّون بهيمة الأنعام الذكاة الشرعية التي تبيح أكلها وتدخلهم في عموم قوله تعالى )وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم( وعليه فلا ينبغي لك إطعام عيالك من ذلك اللحم الذي تشك في كونه حلالاً وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {دع ما يريبك إلى ما لا يريبك} والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى