الفتاوى

  • الإحتفاظ بالصور في الجوال

    ما حكم الصور في الموبايل (لأفراد الأسرة والأصدقاء)؟ مع العلم أني قد سمعت فتوى بأن الصورة إذا كانت صورة من أصل أي أنني لم أضف فيها شيئاً فليس هنالك إشكال. وجزاكم الله خيرا..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج إن شاء الله في التصوير بالموبايل والاحتفاظ بالصور؛ ما لم تتضمن محظوراً من انتهاك حرمة أو تبرج بزينة، أو استعمالها في أمر محرم، والله تعالى أعلم.

  • أخذت المال من زوجها لتؤدبه

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسكن في بيت صغير أنا وزوجي وأولادي وأنام في غرفتي الخاصة وأولادي في غرفة .. في يوم من الأيام مكيف غرفتي الخاص تعطل واضطررت للنوم في الصالة؛ فجاءنا ضيف في وقت النوم من غير مواعيد، وأنا نائمة أدخله زوجي في غرفتي الخاصة (غرفة النوم) لكي ينام على المروحة … عندما استيقظت قال لي بالحصل؛ زعلت وغضبت وقلت له: كيف تدخل رجل غريب غرفتي ويرى ملابسي المعلقة في الغرفة؟ وقلت له: كنت تصحيني وأنا أنام في غرفتي على المروحة وهو ينام في الصالة ..

    من زعلي للموقف أخذت مبلغ من المال خاص بزوجي من الغرفة من غير علمه حتى يتأدب ولا يفعلها مرة اخرى، وليس الغرض أن أتهم الضيف والله، ولكن لكي يعلم تماماً بأن هذه الغرفة خاصة ولا يسمح لأي شخص بالدخول فيها ولا سيما أنه لا يغار عليَّ …

    سألني من المبلغ ونكرت فشك في الضيف وقلت له: الله اعلم ولكن حتى لا تثق بالناس وتدخلهم غرفتي الخاصة …

    سؤالي ما هي كفارتي حتى يتوب الله عليَّ من فعلتي حيث اتهمت إنسان لا ذنب له من غير قصد، وأنا نادمة على فعلتي، ولكن صدقني يا شيخ يمكن أن يكررها زوجي من غير أي مبالاة .. مع العلم بأن المبلغ الذي أخذته انفقته على  الأولاد كامل والله على ما اقول شهيد.. آسفة عل الإطالة .. وجزاكم الله خير ..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فزوجك – غفر الله له – مخطئ حين لا يغار عليك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسـلم قد أثنى على سعد بن عبادة رضي الله عنه بقوله: “أتعجبون من غيرة سعد؟ فأنا أغير منه، والله أغير مني” والواجب على المسلم أن يغار على حرماته وأن يصون عرضه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وهو مأجور على ذلك، وإدخاله ذلك الرجل الأجنبي إلى مخدعك الخاص ما كان ينبغي له، لكن بعض الناس تغلب عليه المجاملة وحب إرضاء الناس حتى لا يفرق بين المشروع والممنوع.

    ومهما يكن من أمر فإذا كان الزوج قد أخطأ مرة فقد أخطأت مرتين غفر الله لك، وذلك حين عمدت إلى مال لا يحل لك فأخذته، ودعواك أنك تريدين تأديبه بذلك لا تستقيم؛ لأن من شرط النهي عن المنكر ألا يكون بمنكر أشد، وقد قال رب العالمين جل جلالـه {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} وقال النبي صلى الله عليه وسـلم “لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه” رواه أحمد. ثم إنك كنت سبباً في اتهام إنسان بريء وإساءة الظن به. والمطلوب منك الآن إعادة ذلك المال إلى الزوج أو استحلاله مع إخباره بحقيقة الأمر من أجل تبرئة ذلك الضيف مما لا ذنب له فيه. والله الموفق والمستعان.

  • أعاني من الوسواس في العقيدة

    أنا يا شيخ أعاني من اضطراب حاد منذ فترة فأصبحت تنتابني أحاسيس وساوس أظلمت عليَّ حياتي لقد بدأت بسؤال حول ذات الله وانتهت في الشك في العقيدة كلها وهي لا تفارق فكري أبدا وهذا يقلقني جدا وخوفي كبير لدرجة أنني أتمنى الموت لأن الموت أهون علي من الفترة التي أمر بها فأرجو منك يا شيخ إفادتي في هذه المصيبة مع العلم أنني أصلي؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالوسوسة هي ما يلقيه الشيطان في القلب من الخطرات الرديئة وعمل الشر، فيحرص الشيطان ـ قاتله الله ـ على أن يلقي الشكوك في قلب المسلم تجاه ربه جل جلاله ونبيه صلى الله عليه وسلم وكتابه الكريم؛ تارة بصور رديئة وأخرى بألفاظ خبيثة؛ حتى إن المرء ليقع في حيرة من أمره أهو مؤمن حقاً؟ أم في إيمانه شك؟ ولا بد أن يعلم الناس أنه ليس في الأمر جديد؛ فقد شكا الصحابة رضي الله عنهم وهم أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها هدياً وأقلها تكلفاً من مثل هذا؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال {وقد وجدتموه؟} قالوا: نعم، قال {ذاك صريح الإيمان} وأحياناً تكون الوسوسة في قضية الخلق، هل للعالم خالق؟ فمن خلق الخالق؟ وهذه أيضاً يعاني منها الناس من قديم، وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المخرج منها، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل: آمنت بالله} والسلف الصالحون رضي الله عنهم كانوا يهوِّنون من شأن خواطر السوء هذه، ويعدونها أمراً عادياً لا تستحق الوقوف عندها؛ فقد سأل أبو زحيل عبدَ الله بنَ عباس رضي الله عنهما فقال: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله ما أتكلم به، قال: فقال لي: أشيءٌ من شك؟ قال: وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد، قال: حتى أنزل الله عز وجل {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِك} فقال لي: إذا وجدت من نفسك شيئاً فقل {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. رواه أبو داود وسنده جيد

    واعلم ـ أخي ـ أن الوسوسة لا يؤاخذك الله بها؛ لأنها بسبب خارج عن إرادتك؛ وقد قال الله تعالى {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} وقال {لا نكلف الله نفساً إلا وسعها} وقال {لا تكلف نفس إلا وسعها} وقال {لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها} وقال {فاتقوا الله ما استطعتم} وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم} وهذا في الحالات العادية فكيف بالمبتلى بالوسواس، الذي لا يملك له دفعاً إلا أن يشاء الله رب العالمين. فلا يهولنك ما تجد في نفسك، واعلم بأن الوسواس ما تسلط عليك إلا لكونك مؤمناً بالله واليوم الآخر.

    وعليك ـ أخي ـ أن تكثر من ذكر الله وتلاوة القرآن والمشاركة في المجالس الطيبة ومعاشرة الصالحين من عباد الله، والجأ إلى الله بالدعاء ليعافيك مما أنت فيه، وأسأل الله لك شفاء عاجلاً غير آجل.

  • حكم العمل في البنوك

    هل يجوز العمل في البنوك الإسلامية وغير الإسلامية؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن كان السؤال متعلقاً بالسودان فالبنوك المسماة إسلامية وغيرها سواء، من حيث منع التعامل الربوي في كليهما، وعليه فلا حرج في العمل في أيها؛ إذ الربا ممنوع في الجميع بأمر القانون، وأما في غير السودان فالبنوك نوعان: ربوية وهي التي لا تتقيد في معاملاتها بأحكام الشريعة الإسلامية، وجل اعتمادها على الإقراض بالربا، وبنوك إسلامية وهي التي تتحرى أحكام الشرع قدر الاستطاعة، ومعلوم أن البنوك الربوية لا يجوز العمل فيها ولا التعامل معها؛ حذراً من الدخول في اللعن العام الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم {لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء} والله تعالى أعلم.

  • حكم بناء الكنائس في بلاد المسلمين

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد صان الإسلام لغير المسلمين معابدهم ورعى حرمة شعائرهم، حتى قرن القرآن بينها وبين المساجد بيوت الله؛ فقال سبحانه {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} وقد اشتمل عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران أن لهم جوار الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم على أموالهم وملَّتهم وبِيَعهم، ونص عمر رضي الله عنه في العهدة العمرية لأهل إيلياء أن لهم حرية التدين، وفي عهد خالد بن الوليد لأهل عانات كما نقل ذلك أبو يوسف في كتابه “الخراج”

    أما إحداث الكنيسة التي لم تكن من قبل؛ فقد قال المالكية رحمهم الله: يمنع أهل الذمة في البلد التي فتحت عنوة من إحداث كنيسة، ولو لم يكن معهم فيها مسلمون، إلا إذا شرطت، وتترك لهم كنائسهم القديمة، فلا نتعرض لها، ولا يُمنعون من ترميمها. ولا يُمنعون من إحداث كنيسة في البلد التي فتحت صلحاً، إذا لم يكن معهم في البلد مسلمون، فإن كان بها مسلمون فلا يجوز لهم الإحداث، وتُترك لهم كنائسهم القديمة، ومن باب أولى لا يجوز لهم بناء كنيسة في بلد من بلاد المسلمين، إلا إذا ترتب على منعهم مفسدة أعظم، فيجوز، ارتكاباً لأخف الضررين، ويمنعون من رفع أصوات النواقيس في كنائسهم القديمة، سواء كانت في أرض الصلح أو العنوة.

    روى البيهقي في السنن الكبرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {كل مصر مصَّره المسلمون لا يُبنى فيه بيعة، ولا كنيسة ولا يُضرب فيه بناقوس، ولا يُباع فيه لحم الخنزير} وفي تفسير القرطبي رحمه الله تعالى: قال ابن خويز منداد: تضمنت هذه الآية، وهي آية {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع} المنع من هدم كنائس أهل الذمة وبيعهم وبيوت نيرانهم، ولا يتركون أن يحدثوا ما لم يكن، ولا يزيدون في البنيان لا سعة ولا ارتفاعاً، ولا ينبغي للمسلمين أن يدخلوها ولا يصلوا فيها، ومتى أحدثوا زيادة وجب نقضها، وينقض ما وجد في بلاد الحرب من البيع والكنائس، وإنما لم بنقض ما في بلاد الإسلام لأهل الذمة ، لأنها جرت مجرى بيوتهم وأموالهم التي عاهدوا عليها في الصيانة ، ولا يجوز أن يمكنوا من الزيادة لأن في ذلك إظهار أسباب الكفر.

    ومثل هذه الأقوال موجودة في غير كتب المالكية كالمغني لابن قدامة الحنبلي وأحكام القرآن لأبي بكر الجصاص الحنفي وفتاوى تقي الدين السبكي الشافعي، وقد جمع ذلك كله ابن قيم الجوزية في كتاب أحكام أهل الذمة.

    وعليه فلا يجوز لمسلم أن يمكن كافراً من بناء كنيسة؛ لأن في ذلك إعانة على الباطل والكفر بالله تعالى، وقد قال سبحانه {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} قال السبكي رحمه الله تعالى: ويلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له، والكنيسة اليوم لا تتخذ إلا لذلك، وكانت محرمة معدودة من المحرمات في كل ملة، وإعادة الكنيسة القديمة كذلك؛ لأنه إنشاء بناء لها، وترميمها أيضاً كذلك؛ لأنه جزء من الحرام ولأنه إعانة على الحرام. وقال أيضاً: فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها. وكذلك قال الفقهاء: لو وصى ببناء كنيسة فالوصية باطلة؛ لأن الكنيسة معصية وكذلك ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً؛ فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية ـ مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً ـ هذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم

  • هدم الكنائس في بلاد المسلمين

    السلام عليكم ورحمة الله، أسأل عن حكم هدم الكنائس في بلدنا السودان خاصة بعد خروج النصارى إلى دولتهم وما عاد لهم حق مواطنة ولا عهد ولا ميثاق هذا حسب علمي القاصر، وإن كان الهدم جائزاً من يحق له الهدم أعني مباشرة الفعل هل لكل أحد أن يفعل ذلك ..؟ وجزاكم الله خيراً..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فتنفيذ الأحكام سواء كان بهدم أو حرق أو إقامة حد أو ضرب عنق إنما هو منوط بالحاكم، وقد نقل الإمام القرطبي وغيره إجماع العلماء على أنه ليس لآحاد الرعية مباشرة ذلك،  وما دامت هذه الكنائس قد انتفت الغاية من وجودها وذلك بذهاب أهلها فالواجب على الدولة استعمال تلك المباني فيما يعود على الناس بالنفع؛ بدلاً من أن تتخذ أوكاراً لإيقاع الضرر بالبلاد وأهلها، وأما حكم بناء الكنائس وترميميها فقد فصل في ذلك علماء الإسلام، وخلاصة ذلك ما ذكرته في جواب سابق حين قلت: بناء الكنائس في ديار الإسلام الأصل فيه الحظر؛ لأن في ذلك إعانةً على الباطل والكفر بالله تعالى، وقد قال سبحانه {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} قال السبكي رحمه الله تعالى: ويلزم من تحريم الكفر تحريمُ إنشاء المكان المتَّخَذ له، والكنيسة اليوم لا تُتَّخذُ إلا لذلك، وكانت محرَّمة معدودة من المحرَّمات في كل ملة، وإعادة الكنيسة القديمة كذلك؛ لأنه إنشاء بناء لها، وترميمها أيضاً كذلك؛ لأنه جزء من الحرام ولأنه إعانة على الحرام. وقال أيضاً: فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها. وكذلك قال الفقهاء: لو وصَّى ببناء كنيسة فالوصية باطلة؛ لأن الكنيسة معصية وكذلك ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصِي مسلماً أو كافراً؛ فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية ـ مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً ـ هذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم.

    والمتأمِّل في كلام الفقهاء رحمهم الله يجدهم يفرِّقون في ذلك بين بلد فتحت صلحاً وأخرى فتحت عنوةً؛ فيبيحون إنشاءها في الأولى دون الثانية؛ يقول ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه (المغني 10/610): أقسام أمصار المسلمين ثلاثة:

    أحدها: ما مصَّره المسلمون، كالبصرة والكوفة وبغداد وواسط، فلا يجوز فيه إحداث كنيسة ولا بيعة ولا مجتمع لصلاتهم، ولا يجوز صلحهم على ذلك، بدليل ما رواه أحمد عن ابن عباس {أيُّما مصر مصَّرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوساً، ولا يشربوا فيه خمراً، ولا يتخذوا فيه خنزيراً} وما وجد في هذه البلاد من البِيَعِ والكنائس مثل كنيسة الروم في بغداد فهذه كانت في قرى أهل الذمة فأُقرَّت على ما كانت عليه.

    والقسم الثاني: ما فتحه المسلمون عنوة، فلا يجوز إحداث شيء من ذلك فيه، لأنها صارت ملكاً للمسلمين، وما كان فيه من ذلك ففيه وجهان: أحدهما يجب هدمه وتَحرُم تَبْقِيَتُه، والثاني: يجوز، لأن حديث ابن عباس يقول {أيما مصر مصَّرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه فإن للعجم ما في عهدهم} ولأن الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئاً من الكنائس، ويشهد لصحة هذا وجود الكنائس والبِيَع في البلاد التي فتحت عنوة. ومعلوم أنها ما أُحدِثَت، فيلزم أن تكون موجودة فأُبْقِيَت. وقد كتب عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ إلى عُمَّاله ألا يهدموا بيعةً ولا كنيسةً ولا بيتَ نار، ولأن الإجماع قد حصل على ذلك، فإنها موجودة في بلد المسلمين من غير نكير.

    الثالث: ما فُتِحَ صُلحاً وهو نوعان، أحدهما أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عنها، فلهم إحداث ما يحتاجون فيها، لأن الدار لهم، الثاني: أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا، فالحكم في البيع والكنائس على ما يقع عليه الصلح معهم، من إحداث ذلك وعمارته، لأنه إذا جاز أن يقع الصلح معهم على أن الكل لهم جاز أن يصالحوا على أن يكون بعض البلد لهم، ويكون موضع الكنائس والبيع معنا، والأولى أن يصالحهم على ما صالحهم عليه عمر رضي الله عنه، ويشترط عليهم  الشروط المذكورة في كتاب عبد الرحمن بن غنم: ألا يحدثوا بيعة ولا كنيسة ولا صومعة راهب ولا قلاَّية.ا.هـ

  • ذِكر الله في الحمام

    سمعت رجلاً يقول: يمكن للمسلم أن يذكر الله وهو يقضي حاجته في الحمام وفى المرحاض ويمكن أن تقرأ بعض القرآن!! واستدل بالآية الكريمة )الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم(

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فلا يجوز للمسلم أن يتلفظ بذكر الله في أماكن النجاسات كالحمامات والحشوش والمزابل ونحوها؛ عملاً بعموم قوله تعالى {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} وقوله تعالى {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} وفي حديث أنس رضي الله عنه قال {كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه} أخرجه أصحاب السنن، وهذا الخاتم كان نقشه محمد رسول الله؛ فكان إذا أراد الخلاء طرحه، أما ما يجري على قلب الإنسان من الذكر حال كونه في الحمام دون أن يتلفظ بذلك لسانه فلا حرج عليه؛ لأنه حديث قلب لا يؤاخَذ به، والله تعالى أعلم.

  • ما هي نجاسة الكلب؟

    عندي مشكلة مع الكلاب: جارتنا عندها كلب، ولا أدخل بيتها خوفاً من النجاسة، وإذا سلمت عليها أغسل يدي مراراً بالصابون، وإذا أخذت منا صحناً أغسله جيداً، وفي داخل بيتنا إذا لمست هذه الجارة باباً أو كرسياً، ثم لمست أنا هذه الأشياء أغسل يدي في كل مرة، فماذا أفعل؟ وما هي نجاسة الكلب؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    أولاً: واجب عليك تقديم النصح لجارتك ـ إن كانت مسلمة ـ بأنه لا يجوز لها استبقاء ذلك الكلب في بيتها؛ لما في ذلك من احتمال النجاسة الوارد على كل شيء يمسه الكلب في ذلك البيت؛ ولما يترتب على وجوده من الوزر العظيم، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {من اتخذ كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص كل يوم من أجره قيراط} وصح عنه صلى الله عليه وسلم {أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة}

    ثانياً: نجاسة الكلب مغلظة؛ فهو أنجس الحيوانات، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن بالتراب.

    ثالثاً: لا تتابعي الوسواس واعلمي أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يقوم دليل على خلاف ذلك؛ فلا تغسلي صحناً إلا إذا غلب على ظنك أن الكلب قد ولغ فيه، ولا يلزمك أن تغسلي يديك كلما سلمت على الجارة صاحبة الكلب، واعلمي أن دين الله يسر {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} والله الموفق والمستعان.

  • علاج المس

    السلام عليكم ورحمة الله. أعاني أجاركم الله من المس منذ عشر سنوات ولم أترك بابًا إلا طرقته ولم أجد العلاج النهائي، وذهبت لأحد المعالجين المشهورين قال: إنها حضور. أعطاني بعض الآيات والأذكار وسورة يس وأشعر بتحسن الحمد لله لكن كيف أعرف أنه خرج مني؟ الحمد لله ملتزمة بالصلاة والأذكار وقراءة القرآن.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فأسأل الله تعالى لك شفاء عاجلاً غير آجل، وعليك دائماً أن تتذكري قول النبي صلى الله عليه وسـلم “من يرد الله به خيراً يصب منه” وقوله عليه الصلاة والسلام “إذا أحب الله قوماً ابتلاهم” وقوله “أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل” وعليك أن تواصلي في قراءة سورة البقرة فإنها أشد شيء على الشيطان، وخاصة آية الكرسي وخواتيم البقرة، وكذلك أوائل {حم المؤمن} وخواتيم الحشر، مع الإكثار من التهليل (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)

    وما دمت لله ذاكرة وعلى الصلاة محافظة فأبشري بالفرج القريب، والله لا يضيع أجر المحسنين.

  • صيام يوم الجمعة إذا وافق عرفة

    ظهر خلاف في العام الماضي في مسألة صيام يوم الجمعة أو الأحد إذا وافق صيام يوم عرفة أو عاشوراء وشغل الأخذ والرد عامة المسلمين، وقد استدل البعض بقوله صلى الله عليه وسلم {إن يوم الجمعة عيدكم فلا تصوموه إلا أن تصوموا يوماً قبله أو بعده} رواه الشيخان، ويوم السبت لقوله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه} رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي. نرجو بيان الحكم الشرعي وجزاكم الله خيرا.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن حديث عبد الله بن بسر عن أخته رضي الله عنهما في النهي عن صيام يوم السبت قد اختلف أهل العلم في تصحيحه وتضعيفه فنقل ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 2/79 عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال فيه: هذا كذب. وقال أبو داود: هذا حديث منسوخ.

    والذي عليه جمهور العلماء أن صيام يوم الجمعة والسبت منهي عنه إذا كان لقصد معنى فيهما من تعظيمهما أو اعتقاد فضل الصوم فيهما، أما من صامهما لأمر آخر رغَّب فيه الشرع وحث عليه كيوم عرفة أو عاشوراء أو وافق صوماً يعتاده كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو وُجِدَ سببٌ مشروع للصيام كمن نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه غائبُه أو يُشفى فيه مريضُه، فوافق يوم الجمعة أو السبت مثلاً فليس بممنوع بل مشروع، وهذا القيد مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم {لا تقدَّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه} رواه مسلم، ووجه الدلالة من الحديث ظاهر في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع من اعتاد الصيام في يوم معين أن يصومه ولو وافق ذلك اليومَ السابق لرمضان.

    ويمكن الخروج من الخلاف في ذلك بأن يصوم معه يوماً قبله أو يوماً بعده كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن يوم عاشوراء مخالفة لليهود، وخلاصة القول: أن في المسألة سعة وما ينبغي شغل الناس بها وتفريق جماعتهم أو حملهم على رأي بعينه بل يسعنا ما وسع سلفنا، والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى