الفتاوى

  • العلاج بالبخرات

    أرسل صديق لأبي علاجاً له من الخارج (من دولة الإمارات) هذا العلاج هو عبارة عن ورق مكتوب فيه آيات قرآنية؛ وطريقة استعماله هو بأن يحرق الورق ويستنشق من دخانه (أي ما يعرف عندنا في السودان بالبخرة)، فهل صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل ويجوز استعماله؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطريقة في علاج المرض ـ أيا كان ـ بل الثابت عنه أنه كان يقرأ على المريض وينفث عليه، ويمسح بيده رجاء بركتها، والله تعالى أعلم.

  • البكاء على الميت

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قبل فترة قرأت في كتاب حديث: “إن الميت ليعذب ببكاء أهل بيته” أريد أن أعرف صحة هذا الحديث وهل صحيح أن الميت يعذب ببكاء أهل بيته؟ وإن كان ذلك صحيحاً أريد أن أعرف ما الحكمة من ذلك مع علمي بأن الله سبحانه وتعالى لا يحاسب إنساناً إلا بأفعاله وأن الميت لا يتبعه إلا علم ينتفع به وصدقة جارية وولد صالح يدعو له؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فالحديث صحيح رواه البخاري  ومسلم عن عَبْد اللهِ بْن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا، أَوْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَلاَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلاَءِ الرَّكْبُ قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ادْعُهُ لِي فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ وَاأَخَاهُ وَاصَاحِبَاهُ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِي عَلَيَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.

    وكما ذكرت فإن المقرر عندنا – معشر المسلمين – أن كل امرئ بما كسب رهين، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ومن هنا قال أهل العلم بأن هذا الحديث محمول على من أوصى بذلك أو من أهمل تعليم أهله الصبر على قضاء الله وقدره فحصل ذلك بعد موته، أما من تبرأ مما برأ منه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فليس بمؤاخذ مهما فعل أهله من بعده.

    هذا والبكاء المنهي عنه ما كان فيه ندب أو لطم للخدود أو شق للجيوب أو دعاء بدعوى الجاهلية، أما البكاء بدمع العين فلا حرج فيه؛ وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: رُفِع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونَفْسه تتقعقع. ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء. وكذلك بكى عند موت ابنه إبراهيم؛ كما في حديث جابر رضي الله عنه قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره فبكى، فقال له عبد الرحمن: أتبكي؟ أولم تكن نهيت عن البكاء؟ قال: {لا. ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة، خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان} فالمنهي عنه ما كان فيه تسخط على قضاء الله وقدره، والذي يظهر في النياحة وتشقيق الثياب؛ فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية} والرحمة المقصودة في الحديث هي شعور الإنسان بالأسى لفقد خليله أو صفيه من أهل الدنيا، وليس المقصود أن الميت يرحم بذلك، والله تعالى أعلم.

  • أضحية تارك الصلاة

    هل يقبل صدقة وأضحية تارك الصلاة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإذا كان تارك الصلاة جاحداً لوجوبها منكراً لفرضيتها فلا يُقبلُ منه صرفٌ ولا عدل؛ لأنه ليس بمسلم، وقد قال سبحانه {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب} وقال سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} وأما إذا كان مقراً بوجوب الصلاة لكنه متكاسل متهاون فإنه على خطر عظيم، لكن أمره إلى الله تعالى إن شاء قبل منه وإن شاء رد عليه عمله، وهو سبحانه يحكم ما يشاء ويختار {لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون} والله تعالى أعلم.

  • قطرات من البول

    السلام عليك ورحمة الله، سؤالي بعد خروجي من دورة المياه بعد قضاء الحاجة أحس بنزول نقط من البول تقريباً بعد عشر دقائق من خروجي، ويصادف الوضوء أو الصلاة عندما أركع أو أسجد وأضطر لقطع الصلاة وأغسل مكان النجاسة وأتوضأ ثانية وبسبب هذه الحالة لا أواظب على صلاة الجماعة فكيف أصلي صلاة الجماعة؟ أفيدوني، وهل صلواتي صحيحة؟ وجزاكم الله..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد.

    فالذي أنصحك به أيها السائل – أحسن الله إليك – أن تراجع طبيباً حاذقاً متخصصاً في المسالك البولية؛ فإن تبيَّن أن ثمة مرضاً يحتاج علاجاً بذله لك؛ وإلا فالأمر لا يعدو أن يكون وسواساً يجب عليك إهماله وعدم الالتفات إليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما شكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة نهاهم أن ينصرف أحدهم حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، وأمرهم بأن يتقوا وسواس الماء؛ والله الموفق والمستعان.

  • الحب قبل الزواج

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندي سؤال أريد له أدلة علي ذلك لأنه بعض الشباب والبنات تائهين كثيــراً.. ماذا عن علاقة الحب بين الشاب والفتاة قبل الزواج إذا كانت نيته صادقة وهي الزواج منها.. ما حكم هذا؟!

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فالجواب على هذه الأسئلة كلها ينتظمها حديث واحد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث روى الإمام أحمد في المسند عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا!! فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ادنه” فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح.

    فكل من أراد أن يمارس شيئاً من تلك الأمور المذكورة في السؤال عليه أن يسأل نفسه قبل أن يفعل: أكان يرضى لأخته أن تحادث زملاءها من الطلبة في نصف الليل والناس نائمون؟ أيرضى لها أن يمسك بيدها زميلها في الجامعة ويمشي بها في الطرقات؟ أيرضى لها أن تمارس الحب مع زميل لها وتجالسه وتخالطه وتبادله رسائل الغرام في غفلة من أهلها؟ وبعد أن يجيب عليه أن يعلم أن ما لا يرضاه لنفسه ما ينبغي له أن يرضاه لبنات المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ” رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

    أما قضية الحب هذه فإن كان شيئاً مكتوماً في القلب فإن الله تعالى لا يؤاخذ به؛ لأنه سبحانه عفا لهذه الأمة عما حدثت به نفسها؛ وأما إن كان هذا الأمر يحملهما على ممارسة ما حرم الله من التلذذ بالنظر أو الخلوة أو الحديث فيما بينهما أو غير ذلك من المحرمات فإنهما بذلك يكونان منتهكين لحرمات الله خائنين متعديين للحدود جالبين على أنفسهما سخط الله وغضبه. والله تعالى هو الموفق والمستعان.

  • قتل النمل الأسود

    أنا أسكن في شقة مغلقة ومعي عائلتي وعندي أبناء صغار؛ مشكلتنا هيً وجود النمل الأسود الحجم الوسط؛ وقد استعملت المبيدات رغم ذلك متواجد!! وهذا النمل يقرص الأبناء ويتأذون من ذلك؛ هل علينا إثم إذا قمنا بقتله بالأيدي أو خلافه؟ أفيدونا مأجورين.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج في قتل النمل ما دام مؤذياً، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله؛ قال أهل العلم: فإذا كان يؤذي جاز قتله؛ قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن): روى مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن نملة قرصت نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله تعالى إليه {أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح} وفي طريق آخر {فهلا نملة واحدة}. قال علماؤنا: يقال إن هذا النبي هو موسى عليه السلام، وإنه قال: يا رب تعذب أهل قرية بمعاصيهم وفيهم الطائع. فكأنه أحب أن يريه ذلك من عنده، فسلط عليه الحر حتى التجأ إلى شجرة مستروحا إلى ظلها، وعندها قرية النمل، فغلبه النوم، فلما وجد لذة النوم لدغته النملة فأضجرته، فدلكهن بقدمه فأهلكهن، وأحرق تلك الشجرة التي عندها مساكنهم، فأراه الله العبرة في ذلك آية: لما لدغتك نملة فكيف أصبت الباقين بعقوبتها! يريد أن ينبهه أن العقوبة من الله تعالى تعم فتصير رحمة على المطيع وطهارة وبركة، وشرا ونقمة على العاصي. وعلى هذا فليس في الحديث ما يدل على كراهة ولا حظر في قتل النمل، فإن من آذاك حل لك دفعه عن نفسك، ولا أحد من خلقه أعظم حرمة من المؤمن، وقد أبيح لك دفعه عنك بقتل وضرب على المقدار، فكيف بالهوام والدواب التي قد سخرت لك وسلطت عليها، فإذا آذاك أبيح لك قتله. وروى عن إبراهيم: ما آذاك من النمل فاقتله. وقوله:” الا نملة واحدة” دليل على أن الذي يؤذى يؤذى ويقتل، وكلما كان القتل لنفع أو دفع ضرر فلا بأس به عند العلماء.ا.هــــــــــــ

  • طلاب علم يغمزون ويلمزون

    طلاب علم ليسوا من الأخلاق في شي، حالهم همز ولمز وأذى وبغي وغيبة … فإذا بدأ أحدهم درسا قمت وتركته فهل في ذلك خطأ؟!

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فمجالس العلم مجالس حلم ووقار وسكينة، ترق بها القلوب وتدمع العيون ويتحابب فيها المؤمنون ويزداد الذين آمنوا إيماناً، فيها بيان لكلام الله تعالى وشرح لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذكير بسيرته العطرة وترجمة للصالحين من عباد الله، هذه هي مجالس العلم، التي تغشاها السكينة وتحفها الملائكة وتتنزل عليها الرحمة ويباهي ربنا جل جلاله بالجالسين فيها ملأه الأعلى؛ والجالس فيها مبشر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقوم مغفوراً له، وهي التي ينبغي أن يحرص عليها المؤمن ويسعى إليها ويلتمس رحمة الله ورضوانه فيها.

    وليست مجالس العلماء مجالس غيبة وهمز ولمز، ولا هي مجالس طعن في أعراض العلماء والدعاة، ولا مجالس إثارة للأحقاد والضغائن، والمجالس التي بهذه الأوصاف لا يجوز السعي إليها ولا الجلوس فيها، ومن لم يعرف حقيقتها ثم استبان له الأمر فإنه يجب عليه مقاطعتها والقيام عنها لئلا يكون شريكاً في الإثم، وإن استطاع أن يبذل النصح للقائمين عليها فليفعل، وإلا فلا أقل من أن يذهب عنهم؛ لأنها لا تثمر زيادة في الإيمان ولا بركة في الأعمار ولا نماء في العلم ولا صلاحاً للعمل، بل ثمارها المرة قسوة في القلوب واستطالة في أعراض المسلمين؛ عياذاً بالله من تلك الحال، وأسأل الله الهداية للجميع.

  • التبرع بالدم لنصرانية

    هل يجوز التبرع بالدم لمسيحية في حالة وضوع إذا كانت في حاجة شديدة للدم؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد دلت نصوص الشريعة على احترام النفس الإنسانية ـ أياً كان دينها ـ من حيث كونها نفساً؛ ويتضح ذلك في تحريم قتل المعاهد والذمي والمستأمن، وكذلك إيجاب الدية حال قتل واحد من هؤلاء المذكورين خطأ، وفي محكم القرآن قول ربنا جل جلاله ((وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس))

    وعليه فإن المتبرع بدمه لإنقاذ نفس معصومة ـ ولو كانت غير مسلمة ـ مأجور؛ لعموم قوله تعالى ((ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)) وقوله صلى الله عليه وسلم {في كل كبد رطبة أجر} والله تعالى أعلم.

  • يصلي وحده خلف الصف

    ما حكم من يصلي خلف الصف وحده؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى بطلان صلاة من قام خلف الصف وحده، ومن هؤلاء النخعي والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق وحماد وابن أبي ليلى ووكيع؛ لما ثبت عن النبي في النهي عن ذلك؛ فعن علي بن شيبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فوقف حتى انصرف الرجل فقال له {استقبل صلاتك فلا صلاة لمنفرد خلف الصف} رواه أحمد وبن ماجة، وعن وابصة بن معبد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد صلاته رواه الخمسة إلا النسائي.  ورواه كذلك الدارقطني وابن حبان وحسنه الترمذي.

    وأجاز ذلك الحسن البصري والأوزاعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، استدلالاً بحديث أبي بكرة رضي الله عنه حين ركع ثم دب حتى دخل في الصف؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم {زادك الله حرصاً ولا تَعُد} ولم يأمره بإعادة مع كونه قد أتى ببعض الصلاة منفرداً خلف الصف

    وقد توسط بعضهم فقال: تحمل أحاديث الإعادة على من فعل ذلك اختياراً بغير عذر، أما من وجد الصف مكتملاً فصلى وحده، فهو معذور وصلاته صحيحة، وهذا هو أعدل الأقوال، لما فيه من الجمع بين الأدلة، والله تعالى أعلم.

  • توقفت عن الصلاة لما رأت كدرة

    السلام عليكم مولانا الشيخ عبد الحي، وجدت كدرة غالباً أراها مع بداية العادة الشهرية ومع نهايتها فظننتها كذلك وقطعت صلاتي وبقيت منتظرة ليومين ولم ينزل شيء، وما زالت الكدرة مستمرة فاغتسلت وصليت، هل قمت بالصواب؟ وهل أقضي صلاتي عن اليومين الذين قطعتها فيهما؟ وجزيت خيرا، وأرجو أن تدعو لي بخيري الدنيا والآخرة.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأحسن الله إليكم وبارك فيكم، ورزقنا جميعاً الفقه في دينه، أما بعد.

    فإذا كانت هذه الكدرة مرئية في وقت العادة الشهرية فحكمها حكم الحيض، وأما إذا كانت في غير وقتها فلا حكم لها؛ لقول أم عطية رضي الله عنها “كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً” وقول أمنا عائشة رضي الله عنها لمن بعثت إليها بالقطنة فيها الكدرة “لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء” ومن هنا قال العلماء: إن للكدرة حكم الحيض إذا كانت في أيام الحيض، عملاً بحديث عائشة رضي الله عنها، ولا حكم لها إذا كانت في غير أيام الحيض عملاً بحديث أم عطية رضي الله عنها، والله تعالى أعلم

زر الذهاب إلى الأعلى