الفتاوى

  • التعامل مع البورصات العالمية

    ما هو حكم الإسلام في التعامل مع بورصات المال العالمية؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فلا حرج في التعامل مع بورصات المال العالمية إذا خلا التعامل معها من المخالفات الشرعية كالربا والجهالة والغرر والخداع، وكانت المتعامل معها يرعى قواعد الشريعة في البيع والشراء؛ فإذا كان التعامل في العملة فلا بد من التقابض في وقت التعاقد بما يعد تقابضاً عرفاً، والتماثل فيما يشترط فيه التماثل، وإذا كان التعامل في بيع وشراء الأسهم فلا بد أن تكون في مؤسسات لا تتعامل في المحرمات لأن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وأن يكون البيع والشراء حقيقياً لا وهمياً، وهذا كله محل تفصيل في كل معاملة بحسبها، والله تعالى أعلم.

  • الهداية والضلال

    أود أن توضحوا لي معنى {ومن يضلل الله فما له من هاد} ومعنى {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالمقرر عند المسلمين أن الله تعالى خالق كل شيء كما قال سبحانه {الله خالق كل شيء} وأنه سبحانه خالق العباد وأفعالهم {والله خلقكم وما تعملون} فالهداية والضلال والكفر والإيمان والطاعة والعصيان كلها بخلق الله وإيجاده سبحانه، وأن مشيئته جل جلاله فوق مشيئة العباد {وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيما}{وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} فمن شاء الله أضله بعدله ومن شاء هداه بفضله، وهو سبحانه {لا يُسأل عما يفعل}  فقوله سبحانه {ومن يضلل الله فما له من هاد} معناه أن من شاء الله أن يضله فلن يجد سبيلاً إلى الهداية والرشاد؛ كقوله سبحانه {من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون}  وقوله سبحانه {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا} وقوله سبحانه {من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون} ولا يعني هذا أن العبد مجبر مسير، بل الاختيار له كما قال سبحانه {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا} والقدر المسطور سر مكنون لم يطلع الله العباد عليه، فلا يقولن عاقل: إن الله كتب الضلالة عليَّ فلا سبيل إلى هداية!! فهذه حجة المشركين الذين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء} بل الواجب على العبد أن يسعى في تحصيل أسباب الهداية بالتزام الأوامر واجتناب النواهي ويسأل الله أن يقدر له الخير حيث كان.

     وأما قوله سبحانه {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} معناها أن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك كل مصلح لا يملك أن يخلق في قلب العبد هداية توفيق وإيمان فهذه بيد الله وحده، وإن كان يملك هداية الدلالة والإرشاد كما قال سبحانه {ولكل قوم هاد} وقال سبحانه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} وعلى هذا فلا تعارض بين الآيتين، والعلم عند الله تعالى.

  • أفكار شيطانية

    في بعض الأحيان تراودني بعض الأفكار في صميم معتقداتي حتى إني أخاف من مجرد إعادة التفكير فيها؛ ناهيك عن قولها، وأخاف أن أكون من المطرودين من رحمة الله بسبب هذه الأفكار التي أتمنى ألا تراودني؛ فدلوني أصلحكم الله.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فهذه الأفكار التي تراودك أحياناً هي من قبيل حديث النفس الذي لا يؤاخذ الله به عبده، ففي تفسير قوله تعالى {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} قال ابن جرير رحمه الله: فتأويل الآية لا يكلف الله نفسا إلا ما يسعها فلا يجهدها ولا يضيق عليها في أمر دينها فيؤاخذها بهمة إن همت ولا بوسوسة إن عرضت لها ولا بخطرة إن خطرت بقلبها.أ.هـ

    وهذه الأفكار لا تضرك ـ إن شاء الله ـ ما دمت جاهداً في طردها، والتلبس بضدها من تعظيم الله جل جلاله والعمل بأمره تعالى في شرعه ودينه، وعليك بذكر الله دائماً ليصرف عنك وسواس الشياطين؛ فإن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن غفل وسوس، وذكر الله يرضي الرحمن ويطرد الشيطان؛ خاصة آية الكرسي وقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد لله وحده، وهو على كل شيء قدير (100مرة) وكذلك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الإلحاح على الله بالدعاء بأن يعيذك من همزات الشياطين، والحمد لله رب العالمين.

  • ضوابط النشر الإعلامي

    نريد من فضيلتكم توضيح ضوابط النشر الإعلامي في الصحافة من الناحية الشرعية؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فإن لنشر الأخبار والمعلومات ضوابط شرعية يمكن أن تستقى من نصوص القرآن والسنة، ومن ذلك:

    ① عدم تضمن المنشور محرَّماً من الشرك بالله أو الترويج لفاحشة أو قذف المؤمنين والمؤمنات في أعراضهم أو التحريض على منكر من القول وزور أو باطل من الفعل وشر

    ② ألا يكون في المنشور إثارة للعداوة والبغضاء بين فئام المسلمين وتحريش بعضهم ببعض، أو إثارة لنعرات عرقية أو عصبيات قبلية أو طائفية

    ③ أن يتحرى الناشر صحة الخبر الذي ينشره؛ فكفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع، وبئس مطية القوم زعموا

    ④ أن يحرص على الاستيثاق من صحة المعلومات التي ينشرها ـ علمية كانت أو شرعية ـ لئلا ينشر على الناس باطلاً فيعملوا به معتقدين صحته، وما هو بالصحيح

    ⑤ أن يعلم أنه مسئول عما ينشر في وسيلته الإعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئية، وهي إما أن تكون حجة له بين يدي الله أو حجة عليه

    ⑥ أن يحرص في معالجته للأمور أن يكون موضوعياً دون تعرض للأشخاص إلا بقدر الضرورة، والقدوة في ذلك رسول الله e الذي كان يقول {ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا} وما واجه أحداً بشئ يكرهه

    ⑦ أن يتجنب نشر سفاسف الأمور التي تضيع أوقات الناس وجهدهم دون أن تزودهم بعلم نافع أو تعينهم على عمل صالح، بل تكون الجدية هي الشعار والدثار

    هذا ولو أن كل إعلامي أيقن بعظيم مسئوليته بين يدي الله لاستراح الناس من كثير من القضايا التي تثار بين الحين والآخر، ولأمن الناس على أعراضهم، ونسأل الله الهداية للجميع.

  • المدة التي تجوز فيها الصلاة على الميت بعد الدفن

    أفتيتم بجواز صلاة الجنازة على الميت في قبره؛ هل جواز الصلاة مقيد بفترة زمنية محددة من تاريخ الوفاة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فقد ثبت في عدة أحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على بعض الناس بعدما دفنوا، ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاباً، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه؛ فقالوا: مات. قال {أفلا آذنتموني؟} قال: فكأنهم صغروا أمرها أو أمره؛ فقال {دلوني على قبره} فدلوه؛ فصلى عليها ثم قال {إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم} وروى الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد شهر. وروى عن ابن عباس كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت بعد ثلاث.  وروى الترمذي والبيهقي عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب؛ فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر. قال الحافظ رحمه الله: وإسناده مرسل صحيح.

    وقد اختلف الجمهور القائلون بجواز الصلاة على الميت بعد دفنه في أمد ذلك اختلفوا في أمد ذلك؛ فقيَّده بعضهم إلى شهر. وقيل: ما لم يبْلَ الجسد. وقيل: يجوز أبدا. وقيل: إلى اليوم الثالث. وقيل: إلى أن يترب ـ أي يصير تراباً ـ ولعل الأقرب إلى العمل بالنص أن يقيد بشهر لأنها أقصى مدة صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم على ميت مقبور، والعلم عند الله تعالى.

  • استخار فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم

    شخص يقول دائماً: إنني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لي: افعل كذا، أو لا تفعل، في أمور استخار الله فيها، فهل هذا صحيح أم لا يمكن؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فإن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق لقوله عليه الصلاة والسلام {ومن رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي} رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهذا مقيد بما لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم في صورته التي رواها أصحابه رضوان الله عليهم، لما دلت عليه هذه الرواية {في صورتي} وفي الرواية الأخرى {فإن الشيطان لا يتكونني} وقد قال ابن سيرين رحمه الله: إذا رآه في صورته.

    وعليه فإن الزاعم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم مناماً يُطلب منه أن يصفه؛ فإن طابق وصفه ما ثبت عن أصحابه رضي الله عنهم وكان الرائي ممن عرف عنه الصدق والصلاح، فإنه يحكم بأنه قد رآه، هذا مع القطع بأن رؤياه صلى الله عليه وسلم لا تستلزم تصديق الرائي في كل ما يخبر به؛ خاصة إذا زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمره في المنام بأن يقول كذا أو يفعل كذا، أو تحدث عن أمور غيبية؛ إذ الدين كامل والحمد لله ولا نحتاج في معرفته إلى رؤى ومنامات؛ قال تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} والله تعالى أعلم.

  • الرسول أول الخلق والقرآن منه وإليه!!

    ما صحة قول بعض الناس أن الرسول صلى الله عليه وسلم أول خلق الله وأن القرآن منه وإليه؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالقول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول الخلق قول بلا دليل صحيح، بل المستند فيه أحاديث واهية قد بيَّن أهل العلم سقوطها وعدم صحة الاستدلال بها، من جنس ما رواه الحاكم في المستدرك من حديث جابر رضي الله عنه {أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر} والصحيح أن أول المخلوقات هو عرش الرحمن جل جلاله وأما القول بأن القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم وإليه فهو والعياذ بالله قول أهل وحدة الوجود ممن زاغ معتقدهم حتى ظنوا أن الخالق هو عين المخلوق عياذاً بالله من الضلال.

    هذا وإني أنصح كل مسلم بأن يُعنى بما يقربه إلى ربه من العلم الذي يترتب عليه عمل دون أن يشغل نفسه بمثل هذه الترهات التي يفوه بعض الناس بها وكما قال سبحانه {وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم} والله تعالى أعلم.

  • التمتع بالحج أم الإفراد؟

    أيهما أفضل: حج الإفراد أو التمتع مع العلم بأنها حجة الإسلام؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فأفضلهما أيسرهما؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً} وأما مذاهب العلماء فهي متباينة حيث قال المالكية والشافعية بأفضلية الإفراد، وقال الحنفية بأفضلية القران، والحنابلة على أن التمتع أفضل، والله الموفق والمستعان.

  • حج متمتعاً فهل يذبح أضحية؟

    إذا نوى المسلم حج التمتع، فهل عليه أن يذبح الأضحية في مكة المكرمة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فإذا كان الحاج المتمتع مستطيعاً للأضحية فعليه ذبحها، ويستوي في ذلك أن يذبحها بمكة أو ببلده، والله تعالى أعلم.

  • إحرام الحائض والنفساء

    إذا دخلت المرأة الميقات المكاني وهي غير طاهرة فكيف يكون إحرامها؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فإذا وصلت المرأة إلى الميقات المكاني للإحرام بالنسك وكانت حائضاً أو نفساء؛ فإنها تغتسل وتحرم بالنسك الذي أرادت، وتأتي بالأفعال كلها سوى أنها تؤخر الطواف بالبيت لحين الطهر؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت {نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل} قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم: فيه صحة إحرام النفساء والحائض، واستحباب اغتسالهما للإحرام، وهو مجمع على الأمر به، لكن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور أنه مستحب، وقال الحسن وأهل الظاهر: هو واجب، والحائض والنفساء يصح منهما جميع أفعال الحج إلا الطواف وركعتيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم {اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي}أ.هـ والحديث الذي ذكره النووي رحمه الله تعالى هو ما رواه أبو داود من حديث جابر رضي الله عنه قال: ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي؛ فقال ما شأنك؟ قالت: شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم أحلل، ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن. فقال {إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج}.

    وعليه فإذا كانت المرأة مريدة للعمرة فأصابها دم حيض أو نفاس قبل بلوغها الحرم فإنها تبقى على إحرامها إلى حين طهرها، وعليها في تلك الحال أن تجتنب محظورات الإحرام، وبعد طهرها تشرع في الطواف وتكمل عمرتها.

    وعلى رفقة هذه المرأة أن ينتظروها ويحتبسوا عليها حتى تكمل نسكها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن صفية بنت حيي رضي الله عنها حاضت قال {أحابستنا هي؟} فدل ذلك على أن محرمها أو رفقتها واجب عليهم انتظارها حتى تطهر وتكمل نسكها، وإذا كان الانتظار يشق عليهم إما لنفاذ نفقتهم أو لتعسر سكنهم أو ما أشبه ذلك من الأعذار، وكان بقاء هذه المرأة بعد رفقتها غير ممكن، فإن عليها أن تتحفظ وتطوف بالبيت وتهدي شاة تُذبح في الحرم لجبر ما فات من واجب، وهذا الذي أفتى جماعة من أهل العلم الأقدمين والمحدثين استدلالاً بعمومات الشريعة القاضية برفع الحرج كقوله تعالى {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} وقوله سبحانه {فاتقوا الله ما استطعتم} ولأن الواجبات الشرعية تسقط بالعجز، والعلم عند الله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى