الفتاوى

  • الحديث في الهاتف مع المخطوبة

    ما حكم الحديث مع الخطيب بالهاتف؟ مع علم الأهل وإذن الوالدين!

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا بأس بالحديث مع الخاطب لمدة يسيرة في أمور تتعلق بالحياة التي ستكون بينكما من جهة اختيار السكن أو الأثاث، أو مهاتفة دعت إليها حاجة من تهنئة أو تعزية ونحو ذلك؛ أما الحديث الطويل الذي يتلذذ فيه كل منهما بصاحبه فلا يجوز، وكذلك الحديث عن الحب والغرام والهيام لا يجوز، ولو كان بعلم الأهل وإذن الوالدين؛ لأن علمهم وإذنهم لا يجعل الحرام حلالاً، والله تعالى أعلم.

  • التكبير الجماعي يوم العيد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز التكبير يوم العيد على النغمة السودانية المعروفة. أعنى أن يكبر شخص ويكبر الناس خلفه. أم أنه يجب أن يكبر كل أحد منفردا كما يقول طائفة من الناس.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فلا حرج في أن يكبر الناس منفردين أو يكبر واحد والناس من بعده؛ لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى وتشجيع من كان ناعسا أو متكاسلا، ولا يوصف ذلك بأنه بدعة، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكبر في قبته، فيكبر أهل السوق بتكبيره حتى ترتج منى تكبيرا، وهذه كتلك والله تعالى أعلم.

  • الكلام في المسجد

    الشيخ الجليل  د. عبدالحي يوسف؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بعد أذان صلاة الصبح وقبل الإقامة يجلس المصلون منهم من يقرأ كتاب الله ومنهم يسبح ويحمد الله ولكن هنالك فئة تقوم بالحديث عن منافع الحياة من عمل ومشاكل الحياة اليومية وهذا يزعج بعض الناس، وعند الحديث معهم يزيد إصرارهم على ذلك فما حكم ذلك؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فالمساجد بينت لذكر الله وتلاوة القرآن وإقام الصلاة؛ كما قال ربنا سبحانه {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وأما الكلام في الأمور الدنيوية فمباح بشرط عدم التشويش على العابدين والذاكرين؛ لأن عبادة الله وذكره هما الغرض الأساس الذي من أجله بنيت المساجد، وأما الدليل على إباحة الكلام فما ساقه الإمام النووي رحمه الله حيث قال: يجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحا: لحديث جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام. قال: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. أخرجه مسلم. والله تعالى أعلم.

  • هل حديث في الهاتف يعتبر خلوة؟

    هل الحديث بين الرجل والمرأة عبر الهاتف في أواخر الليل خلوة؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالحديث بين الرجل والمرأة في أواخر الليل الغالب فيه أنه ليس حديثاً بالمعروف، بل يكون فيه من الأمور المحرمة ما فيه، ويكفي أنه يتلذذ بصوتها وهي كذلك تتلذذ بصوته، وكلاهما من المحرمات، وقد قال الله عز وجل ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)) قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان 5/10: أَمَّا الْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ الرَّخِيمَةُ الصَّوْتِ، فَلَا شَكَّ أَنَّ صَوْتَهَا مِنْ مَفَاتِنِ النِّسَاءِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا رَفْعُهُ بِحَالٍ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّوْتَ الرَّخِيمَ مِنْ مَحَاسِنِ النِّسَاءِ وَمَفَاتِنِهَا ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ يَكْثُرُ ذِكْرُهُ فِي التَّشْبِيبِ بِالنِّسَاءِ ، كَقَوْلِ غَيْلَانَ ذِي الرُّمَّةِ :

    لَهَا بَشَرٌ مِثْلُ الْحَرِيرِ وَمَنْطِقٌ … رَخِيمُ الْحَوَاشِي لَا هُرَاءٌ وَلَا نَزْرُ

    وَعَيْنَانِ قَالَ اللَّهُ كُونَا فَكَانَتَا … فَعُولَانِ بِالْأَلْبَابِ مَا تَفْعَلُ الْخَمْرُ

    فَتَرَاهُ جَعَلَ الصَّوْتَ الرَّخِيمَ مِنْ مَحَاسِنِ النِّسَاءِ، كَالْبَشَرَةِ النَّاعِمَةِ، وَالْعَيْنَيْنِ الْحَسَنَتَيْنِ، وَكَقَوْلِ قَعْنَبِ ابْنِ أُمِّ صَاحِبٍ :

    وَفِي الْخُدُودِ لَوَ أَنَّ الدَّارَ جَامِعَةٌ … بِيضٌ أَوَانِسُ فِي أَصْوَاتِهَا غُنَنُ

    فَتَرَاهُ جَعَلَ الصَّوْتَ الْأَغَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَحَاسِنِ ، وَهَذَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ لَا يُمْكِنُ الْخِلَافُ فِيهِ ، وَقَدْ قَالَ جَلَّ وَعَلَا مُخَاطِبًا لِنِسَاءِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُنَّ خَيْرُ أُسْوَةٍ لِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ ((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)) لِأَنَّ تَلْيِينَ الصَّوْتِ وَتَرْخِيمَهُ يَدُلُّ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِالرِّيبَةِ كَإِبْدَاءِ غَيْرِهِ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ لِلرِّجَالِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :

    يُحْسَبْنَ مِنَ الْكَلَامِ زَوَانِيَا … وَيَصُدُّهُنَّ عَنِ الْخَنَا الْإِسْلَامُ

    ثم إن هذا المتصل بتلك المرأة أو الفتاة لو سئل: أترضاه لأختك؟ لكان جوابه – إن كان مسلما حقا – لا. فنقول له: ما لا ترضاه لنفسك فلا ترضه لبنات المسلمين، والله المستعان.

  • الحديث مع زميلتي في العمل

     السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، فضيلة الشيخ بارك الله فيكم على خدمتكم لدين الله وجزاكم عنها خير الجزاء. سؤالي هو: ما حكم الحديث مع امرأة تعمل معي حول ما يتعلق بالعمل عن طريق النت؟ وجزاكم الله عنا كل خير.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبارك الله فيكم، أما بعد.

    فالأصل أن ينزل الرجل المسلم كل امرأة مسلمة منزلة أخته من نفسه؛ فما يحب للناس أن يفعلوه مع أخته من مكارم الأخلاق وحسن الطباع فليفعله مع كل مسلمة؛ وعليه فإذا دعت الحاجة لحديثك مع تلك المرأة حول قضايا العمل، سواء كان ذلك عن طريق النت أو الهاتف أو مباشرة فلا حرج ما لم يتعد هذا الحديث حدود الحاجة وآداب الإسلام؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالاً ونساءً كان يحصل بينهم من الحديث المباح ما تدعو إليه الحاجة، وهذا كثير في السنة ثابت، والله تعالى أعلم.

  • لماذا تسبّون الكفار؟

    أرجو من الشيخ الدعاء للحكومة أن يسدد الله خطواتها، فهي أمل الحفاظ على الدين والشريعة من تلكم الأحزاب المعارضة التي تنادي بالعلمانية، أليست حكومتنا تنادي بالشريعة وواجب علينا الحفاظ عليها أم لا؟. وأرجو من الشيخ أن لا يدعو بالاسم على الكفار مثل سب جون قرنق، فهل نحن مطالبون بسب الكفار اسما؟! نعم نحن نتبرأ من الكفار ونوالي المسلمين فأنا واحد منهم! وأسال عن سب البابا، هل يجوز؟ فهل نعلم بم تكون نهايته، لعل الله أن يهديه في آخر عمره؟ وكذلك السب لأوباما وبوش فنحن لا نعلم كيف ستكون خواتمهم! وإن كان الظاهر هو الكفر، أرجو تصحيح أفكاري إن كانت خاطئة. إنا لنراك من المحسنين الأقوياء في الحق، وإني لأحبك في الله وفي قول الحقيقة بدون خوف؛ مع بعض الخلاف البسيط عسى أن أكون من الخاطئين. وألف شكر ممزوج برياحين الحب في الله.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فأحبك الله الذي أحببتني فيه، وشكر الله لك حسن ظنك بي، وأسأل الله تعالى أن يرزقني وإياك الإخلاص في القول والعمل، وأن يسددنا ويثقل موازيننا، ويجنبنا الزلل، وجواباً على ما سألت أخي أقول: إننا – معشر المسلمين – مأمورون بأن ندعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نترفق بالناس ما استطعنا، فهكذا كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد علمنا أن الله تعالى يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وهذا هو المعهود من سيرته العملية صلوات الله وسلامه عليه.

    ولا تعارض بين الرفق وبين الدعاء على الكفار والمجرمين ممن تتابع شرهم، وبدا على الإسلام ضررهم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام دعا على صناديد قريش لما طرح أحدهم على رأسه سلا جزور وهو ساجد عند الكعبة، وضحك الآخرون فقال {اللهم عليك بالملأ من قريش: اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف أو أبي بن خلف} شك شعبة!! قال عبد الله: فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر وألقوا في القليب. وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ {قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَيَقُولُ عُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ} وهكذا دعا على عامر بن الطفيل ودعا على كفار مكة فقال {اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سبعاً كسبع يوسف}

    وأما الخواتيم فعلمها عند ربي فقد يعيش امرؤ كافراً ثم يختم له بالحسنى كما حصل لأصيرم بني عبد الأشهل؛ فقد كَانَ أبو هريرة رضي الله عنه يَقُولُ: حَدِّثُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ؟ فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ سَأَلُوهُ: مَنْ هُوَ؟ فَيَقُولُ: أُصَيْرِمُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ، قَالَ: كَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ عَلَى قَوْمِهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ بَدَا لَهُ الْإِسْلَامُ فَأَسْلَمَ، فَأَخَذَ سَيْفَهُ فَغَدَا حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ فَدَخَلَ فِي عُرْضِ النَّاسِ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا رِجَالُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَلْتَمِسُونَ قَتْلَاهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ إِذَا هُمْ بِهِ، فَقَالُوا: وَاللهِ إِنَّ هَذَا لَلْأُصَيْرِمُ، وَمَا جَاءَ؟ لَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لَمُنْكِرٌ لِهَذَا الْحَدِيثَ، فَسَأَلُوهُ مَا جَاءَ بِهِ؟ قَالُوا: مَا جَاءَ بِكَ يَا عَمْرُو، أَحَدَبًا عَلَى قَوْمِكَ، أَوْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: بَلْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، آمَنْتُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ أَخَذْتُ سَيْفِي فَغَدَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ فَقَاتَلْتُ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي، قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ، فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: {إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ} رواه أحمد في المسند. وقد يكون ظاهر الإنسان مسلماً ويختم له بالسوء والعياذ بالله كما حصل لقزمان يوم أحد؛ فقد روى البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا؛ فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه؛ فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلان!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أما إنه من أهل النار} فقال رجل من القوم: أنا صاحبه!! قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه؛ قال: فجرح الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت؛ فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه؛ ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه!!! فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله!! قال {وما ذاك؟} قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك؛ فقلت: أنا لكم به؛ فخرجت في طلبه؛ ثم جرح جرحاً شديداً فاستعجل الموت؛ فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه؛ ثم تحامل عليه فقتل نفسه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك {إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة}

    فالمسلم لا يدعو على أحد بأن يختم الله له بالسوء، أو يميته على الكفر، بل يتمنى الهداية لجميع الخلق، وفي الوقت نفسه قد يدعو على من آذى الإسلام وأهله وسعى في الأرض بالفساد؛ ولا تعارض بين هذا وذاك، وكلٌ سنةٌ، والله الموفق والمستعان.

  • فجور في الخصومة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

    أنا السائل في الفتوى التي سميت بـ (فجور في الخصومة) فقد نصحتني بالنصيحة التالية في الإجابة على سؤالي:

    ((فالذي أنصح به أن يلجأ السائل إلى بعض الخيِّرين من الأهل الذين يمكنهم التأثير على الأم وذلك من أجل تذكيرها بالله وتحذيرها من خطورة ما تفعل، وعليك – أحسن الله إليك – أن تظهر ليناً وتنازلاً حرصاً على مصلحة البنت، والله ولي التوفيق.)) انتهى حديثك

    فإنني قد فعلت ذلك من قبل ولجأت لخالها وأختها مراراً وتكراراً ولكنني لم اجد عندهم أي مساعدة أو رغبة في المساعدة فهم يلفون لفها وينفذون رغباتها، وكذلك والدتها وهي من أشد المتشددين في هذه المشكلة، أما والدها فهو لا رأي له ولا يفيد بشيء، وهو جزء من المشاكل ولا يتحدث إلا حديثها فكل ما أسمعه من جواب منها أسمعه من والدها مرة أخرى إذا تحدثت معه، وهو ليس بالأب السوداني المعروف الذي يمكن أن يسير كلامه على آل بيته، بل يحدث العكس، وقد عاشرتهم وأعرف ذلك جيداً وأعرف مدى سطوة مطلقتي في منزلهم. لذلك كنت دائماً أتفاهم معها هي فإن وافقت على أي شئ لم يعارض اي فرد في أسرتها، وهي ترى أن ألجأ أنا للمحكمة حتى تحدد لي مواعيد زيارة وهي تريد ان يكون تعاملي معها بواسطة المحكمة فقط، وكل أهلها يرددون نفس الحديث، وأنا شخصياً لا أريد أن أرى ابنتي بواسطة محكمة مهما حدث حتى وإن اضطررت إلى تركها للأبد بدون رؤيتها، ومن ناحية الإنفاق فأنا ملتزم شهرياً بما ألزمتني به المحكمة. وأنا أرى أن ذلك إجحاف في حقي أن أرى ابنتي بواسطة محكمة مهما حدث، لأن ذلك سيؤثر بالتأكيد في نفسياتها بصورة كبيرة، وحتى المحكمة تلزم بوقت معين وزمن معين ويوم معين مما يعني أن التعامل سيئ للغاية فهي في النهاية ابنتي وكوني أراها بهذه الصورة خير لي من أن لا أراها أبداً وسأتركها حين تكبر أن تختار ما بيني وما بين أمها وأهل أمها ولم أجد غير هذا طريق فهل هنالك إثم عليَّ إن فعلت هذا، علماً بأنني جربت كل الطرق التي ذكرتها. ولكم جزيل الشكر والتقدير

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فإن كانت الطرق كلها قد سدت عليك – كما هو واضح من تعقيبك – فالذي أراه لك ألا تيأس، بل عليك مساومتهم ببعض المال أو اللجوء إلى شفاعة بعض الجيران أو غيرهم، ثم إذا ألجأتك الحيلة إلى المحكمة فاعرض على القاضي أمرك بواسطة محامي قدير لعله يقدر ظرفك ويضمن لك رؤية كريمة لابنتك مع توقي المحاذير التي ذكرتها في تعقيبك، وذلك كله حذراً من أن تقطع صلتك بابنتك حتى ييسر الله لك ضمها إليك في مستقبل الأيام، والله الموفق والمستعان.

  • آداب ليلة الزفاف

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    فخلاصة ما ينبغي للزوجين الحرص عليه ليلة الدخول:

    أولاً: أن يفتتحا حياتهما بذكر الله عز وجل وذلك بدعاء دخول المنزل أو الفندق أو المكان الذي سيبيتان أو يقيمان فيه (بسم الله، اللهم إنا نسألك خير المولج وخير المخرج، بسم الله خرجنا، وبسم الله ولجنا، وعلى الله ربنا توكلنا)

    ثانياً: أن يضع يده على مقدمة رأسها – أي جبهتها – ويدعو بالدعاء المأثور (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه)

    ثالثاً: أن يتناول معها لبناً؛ كما صنع سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم حين بنى بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وذلك تفاؤلا

    رابعاً: أن يصلي بها ركعتين (شكراً لله على سنة الزوجية)

    خامساً: حبذا لو قرأ معها شيئاً من القرآن، وحبذا لو كانت سورة البقرة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة) أي السحرة، وقال عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)

    سادسا: إذا أراد أن يأتيها فلا يقع عليها كما يقع البعير، وليكن بينهما رسول!! قال أهل العلم: المراد بذلك الضمة والقبلة ونحو ذلك

    سابعاً: إذا أراد أن يعاود الجماع فيسن له أن يغسل ذكره ويتوضأ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم (فإنه أنشط للعود)

  • هل في الدين عنصرية؟

    العنصرية مصدر صناعي من العنصر الذي هو الأصل والنسب، والعنصرية هي التمييز بين الناس على أساس عنصرهم أو أصلهم أو لونهم… أو جهتهم.. ومعاملتهم على ذلك الأساس.

    والعنصري هو الذي يفضل عنصره على غيره من عناصر البشر ويتعصب له، وأول من نادى بها هو إبليس عليه لعنة الله تعالى حيث قال: أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ  {ص:76}.

    وهي من آثار الجاهلية الأولى التي قضى عليها الإسلام وحذر من التفاخر بها والتعامل على أساسها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أذهب عنكم عُبِيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء…. أنتم بنو آدم وآدم من تراب… رواه أبو داود وحسنه الألباني.

    فقد قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:53}، فهذا حكم من له الحكم وقضاء من لا معقب لقضائه ولا نقض لأمره، وخلاف هذا من التمييز العنصري لوناً وجنساً ونسباً وبلداً كله باطل جاهلي جاءت شريعة الإسلام بدفنه وإنهاء مظاهره المسلحة بسلاح الجاهلية، والأدلة من القران والسنة على إذابة الفروق العنصرية كثيرة جداً، منها قوله صلى الله عليه وسلم: والناس بنو آدم وآدم من تراب. وقال : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم.

    وقال: يا فاطمة انقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً. أخرجه مسلم.

    وقال لأهل بيته: لا تأتيني لناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم. أخرجه أحمد

    إن لفظ العنصرية يقصد به الاعتقاد بأن مجموعة من الناس أعلى أو أدْنى درجة من أناس آخرين، بناء على معايير فاسدة كمعيار السلالة، أو الوطنية، أو الوظيفة، أو النسب، أو غيرها, ويسمى الناس الذين يعتقدون أو يمارسون هذا التمييز بالعنصريين، كمن يعتقد أن سلالته أعلى شأنا في النواحي العقْلية والأخلاقية أو الثقافية من أفراد السّلالات الأخرى. ولأن العنصريين يفْترضون أنّهم أرفع مقامًا، لذلك فإنهم يعتقدون بأنهم يستحقّون حقوقاً وامتيازات خاصة.
    ولا شك أن العنصرية بهذا المفهوم يعتريها محظوران:

    أولهما: أنها تورث الكبر وتحمل عليه – إن لم تكن هي الكبر بعينه – كما قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر: الحامل على التكبر هو اعتقاد كمال تميزه على الغير بعلم أو عمل، أو نسب، أو مال، أو جمال، أو جاه، أو قوة، أو كثرة أتباع. اهــ.

    ومن المعلوم أن الكبر من كبائر الذنوب، ولذا يعامل المتكبر يوم القيامة بنقيض حاله. ففي مسند أحمد وسنن الترمذي – واللفظ له – أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ – أي في حجم الذر وهو صغار النمل – فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ.اهــ.

    والمحظور الثاني: أنها مخالفة لما جاءت به الشريعة من وجوب محبة المسلمين وتآلفهم، وعدم احتقار بعضهم لبعض، والبعد عن كل ما من شأنه زرع الأحقاد والضغائن بينهم, ففي كتاب الله تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ … } الحجرات : 10 , ونُهينا في القرآن أيضا عن أن يغتاب بعضنا بعضا، أو يلمزه بقول، أو يهمزه بفعل، أو ينبزه بلقب، أو يظن به السوء, وفي سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ . رواه مسلم.

    وجعل الله تعالى التقوى معيار المحبة والمفاضلة عنده فقال: { … إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ … } الحجرات : 13 , فينبغي أن تكون التقوى هي المعيار عندنا أيضا, ولذا قال ابن عباس رضي الله عنه: أحب في الله، وأبغض في الله، ووالي في الله، وعادي في الله، فإنما تنال موالاة الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان ولو كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، ولقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي عن أهله. اهــ. وقد سبق أن أصدرنا فتوى عن التمييز العنصري في منظار الإسلام وهي برقم: 109216.

    والحاصل أن على المسلمين أن يتقوا الله تعالى، وأن لا يحتقروا إخوانهم, وعلى أهل العلم أن يذكروا الناس بدينهم ويحذروهم من مخالفة أمر الله تعالى أو أمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

  • الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، بدأتُ أصلي العصر وفي التشهد الأول بدأت بقراءة الصلاة الإبراهيمية، ولكن تذكرت قبل أن أُكملها أن هذا ليس موضعها؛ فتوقفت خشية أن تكون زيادة متعمدة فتبطل الصلاة، وأكملت حتى وصلت التشهد الأخير، وسجدتُ سجود سهوللزيادة (بعد السلام) ما صحة صلاتي هذه؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فصلاتك صحيحة، وما كان ينبغي لك أن تسجد للسهو؛ لأن زيادة الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول لا حرج فيها ولا يترتب عليها سجود سهو؛ وقد قال أهل العلم في قوله صلى الله عليه وسلم «إذا فرغ أحدكم من التشهد قبل إمامه فليتخير من الدعاء أطيبه» بأنه لا حرج في التشهد الأول أن تأتي بالصلاة الإبراهيمية لأنها دعاء ليس إلا، ومهما يكن من أمر فصلاتك صحيحة ولا تحتاج لإعادتها، والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى