الفتاوى

  • هل الشيعة من طوائف المسلمين؟

    هل الشيعة من أهل الإسلام؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فكلمة الشيعة في اللغة تعني الأنصار، ومنه قوله تعالى {وإن من شيعته لإبراهيم} وتطلق هذه الكلمة تاريخياً على من اعتقدوا صحة إمامة علي رضي الله عنه وناصروه على مناوئيه ممن ناصبه العداء، ويدخل في ذلك طوائف من الصحابة والتابعين رحمة الله عليهم أجمعين، لكن هذه الكلمة قد تطورت تاريخياً مع ظهور فرق غالية تنتسب للتشيع لكنها وقعت في جملة من المخالفات كتفضيل عليٍّ رضي الله عنه على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أو اعتقاد عدم صحة إمامتهما ولا إمامة عثمان وأنهم جميعاً قد ظلموا علياً، ولربما يقع من بعضهم والعياذ بالله سب الصحابة واتهامهم بالردة والتشنيع عليهم بأكاذيب وترهات ينسبونها إليهم مخالفين بذلك نصوص القرآن المعدِّلة لهم والمثنية عليهم.

    وجملة القول أن الشيعة معدودون في طوائف المسلمين في الجملة إلا من أتى منهم بمكفِّر كاعتقاد ردة الصحابة أو اعتقاد تحريف القرآن أو اعتقاد أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قد وقعت في الفاحشة أو اعتقاد تلك العقائد الكفرية كقول بعضهم: إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مكانة لا يبلغها ملك مقرب ولا نبي مرسل وأن لأئمتنا تصرفاً في جميع ذرات الكون!! نعوذ بالله من الضلال.

    وكذلك ما وقع فيه أكثرهم من البدع المكفِّرة كالاستغاثة بالموتى والغلو في آل البيت عليهم السلام وتفضيلهم على الأنبياء والطواف بقبورهم ودعائهم واعتقاد أنهم ينفعون ويضرون، ونسأل الله الهداية للمسلمين أجمعين.

  • خصومة بين الأخوات

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أستشيركم في خصومة الإخوة وإن كان لا ذنب لأحد فيها، فأختي تخاصمني لمدة أقرب للسنة من غير أسباب تذكر، فالتجأت إلى أمي وأبي ليسألوها عن الأمر فقالت إن هذا أحسن بالنسبة لها، كنت في بداية الأمر ألقي عليها السلام وأحاول أن أتحاور معها ولكني سئمت من عدم ردها أو تجاوبها معي، فهل أدخل بذلك في ذنب الخصومة معها؟ وهل إذا انتقلت من البيت أكون قد ابتعدت عن هذا الذنب؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فلا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، وأختك هذه قد أذنبت ذنباً عظيماً حين هجرتك وأصرت على ذلك دون مناقشة الأسباب والنظر في سبل حل الخلاف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم  «لا تَقَاطَعُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث» متفق عليه، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أن المتعمد هجر أخيه يُحرم من خير عظيم فقال عليه الصلاة والسلام «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا» رواه مسلم

    وهذه الأخت على خطر عظيم إن أصرت على هذا المسلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَمَاتَ، دَخَلَ النَّارَ» رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم

    بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هجر المسلم أخاه بمنزلة سفك دمه؛ فعن أَبي خِراشٍ حَدْرَدِ بنِ أَبي حَدْرَدٍ الأسلميِّ رضي الله عنه أنَّه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ «مَنْ هَجَرَ أخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ» رواه أَبُو داود بإسناد صحيح

    وما دمت قد سعيت في الصلح ولم يستجب الطرف الآخر فلا إثم عليك بل الإثم عليه هو؛ فعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنًّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أنْ يَهْجُرَ مُؤْمِناً فَوقَ ثَلاَثٍ، فإنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلاَثٌ، فَلْيَلْقَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ فَقَدِ اشْتَرَكَا في الأجْرِ، وَإنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالإثْمِ، وَخَرَجَ المُسَلِّمُ مِنَ الهِجْرَةِ» رواه أَبُو داود بإسناد حسن

  • قراءة المسبوق دعاء الإستفتاح

    هل للمسبوق أن يقرا دعاء الاستفتاح؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فدعاء الاستفتاح مسنون؛ وإذا غلب على ظنِّ المسبوق أنه يتأتَّى له قراءته مع الفاتحة قبل أن يركع الإمام فليفعل؛ أما إذا لم يمكنْه الجمعُ بين الأمرين فإنه يبدأ بالفاتحة دون استفتاح؛ لأن قراءة الفاتحة من أركان الصلاة القولية، وأما دعاء الاستفتاح فسنة، والواجب مقدَّم عليها، والله تعالى أعلم.

  • حكم اتباع المذاهب الأربعة

    أريد فهم ومعرفة هل مهم اتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة فيما يخص الأحكام الفقهية؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    فالعلماء الذين بلغوا رتبة الاجتهاد ليسوا حصراً على أئمة المذاهب الفقهية الأربعة، وهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس الأصبحي ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن محمد بن حنبل، بل في الأمة من يدانيهم ومن يفوقهم علماً وحفظاً ونظرا، من أمثال الحسن بن يسار البصري وعبد الرحمن بن خلف الأوزاعي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة والليث بن سعد وداود بن علي وغيرهم؛ لكن هؤلاء الأربعة رحمهم الله جميعا قد هيأ الله لهم تلاميذ دونوا مسائلهم وحفظوا أقوالهم وفتاواهم. وقد كتب الله لهم القبول وأجمعت الأمة على جلالتهم وصدقهم وفضلهم؛ ولا يعني ذلك حصر الاجتهاد فيهم بل في الأمة خير كثير، ولذلك أثر عن الشافعي رحمه الله قوله (الليث أفقه من مالك ولكن أصحابه ضيَّعوه) أو كلمة نحوها.

    ومهما يكن من أمر فإن هؤلاء الأئمة رحمهم الله كلهم على خير، وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البئر أو رشفاً من الديم، ومن كان من طلبة العلم فخير له أن يتمذهب على أحد هذه المذاهب الأربعة المتبوعة، وذلك بدراسة المختصرات المؤلفة في المذهب ثم الانتقال إلى المتوسطات، ثم المطوّلات وذلك أعون له على الانضباط في عبادته وفتواه بعد ذلك، أما من لم يكن من طلبة العلم بل هو من عامة الناس فإن عليه أن يسأل فيما يشكل عليه من يثق به من أهل العلم؛ فإذا أفتاه عدَّ تلك الفتوى ديناً يتعبد الله عز وجل به؛ لأن هذا هو ما أمرنا الله به حين قال {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما شفاء العِيِّ السؤال) والله تعالى أعلم.

  • رياضي يريد الهجرة إلى أوروبا

    لي صديق حباه الله بنعمة العَدْو السريع، وهو ينوى الهجرة إلى إحدى البلدان الأوروبية للدراسة؛ حيث علم أن جامعات هذه الدولة تعطى منحاً وراتباً شهرياً للرياضيين، وقد سألني عن شرعية هذا الأمر فقلت له: انتظر حتى اسأل أهل العلم؛ مع العلم أن رياضة العدو تتطلب ملابس معيَّنة لا تستر العورة.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا يخفى عليك ما في البلاد الأوروبية من الفساد العقدي والانحراف الأخلاقي والتلبُّس بالحرام في المطعم والمشرب إلا من عصمه الله من ذلك؛ فإذا كان صاحبك ذا دين متين ومعرفة واثقة بأمور الشرع، ولا يُخشَى عليه أن يُفتَنَ في دينه فلا حرج عليه من السفر إلى تلك البلاد للدراسة مع الالتزام بضوابط الشرع في ممارسته للرياضة أو في إقامته عموماً في بلاد أوروبا.

    وأما إذا كان في دينه رقة، وفي فكره خلط فما ينبغي له أن يزيد الطينة بلة بالهجرة إلى تلك البلاد، وعليه أن يعلم أنه إذا فقد الدين فلن يغني عنه دراسة ولا شهادة، والله المستعان.

  • هل كانت عائشة تكره عليا؟

    السلام عليكم ورحمة الله وأشهد الله أني أحبكم في الله، مرَّ عليَّ خطاب لأحد أئمة الشيعة في حديثه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الحديث: “حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ  أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِهَا فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ وَيَدٌ لَهُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَيَدٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ فِي الْأَرْضِ  قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَنْ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ هُوَ عَلِيٌّ وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ لَهُ نَفْسًا”

    وهو يزعم عليه من الله ما يستحق أن الشيخين أخفيا هذه الزيادة في صحيحيهما وأن الإمام أحمد رضي الله عنه أخفى تتمة شيخه عبدالرزاق الصنعاني (وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ لَهُ نَفْسًا بخير) وأعلم أن عائشة لم تكن بحال تبغض علياً رضي الله عنه وهي التي تذكر مناقبه وحب النبي صلى الله عليه وسلم له وأنها توجه الناس في الفتوى له في بعض الأحوال. أرجو أن توضحوا لي مأجورين

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأحبك الله الذي أحببتني فيه، أما بعد.

    فبداية لا بد من بيان أن معتقدنا – معشر المسلمين – في الصحابة الكرام وآل البيت عليهم السلام أنهم بشر غير معصومين، فهم يخطئون ويصيبون، ويصيبهم ما يصيب غيرهم من عوارض البشرية، ومن فروع ذلك أنهم – رضوان الله عليهم – يحصل بينهم ما يحصل بين البشر من الخلاف والنزاع، وقد كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، وقد حصل بين الصحابة فيما بينهم، وكذلك آل البيت؛ فحصل الخلاف بين أبي بكر وعمر، وبين أبي ذر وبلال، وبين جهجاه الغفاري ورجل أنصاري، وهكذا، وكذلك آل البيت حصل بين علي وفاطمة، وبين علي والعباس، وكذلك اختلف بعض الصحابة مع بعض آل البيت في مسائل كخلاف أبي بكر وفاطمة رضي الله عنهما في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك خلاف عمر مع علي في بعض مسائل الفقه، وهكذا. لكنهم رضوان الله عليهم كانوا رجَّاعين إلى الحق منيبين إلى الهدى، لا يستنكف أحدهم من أن يعتذر لأخيه؛ لأنهم كانوا كما قال ربنا في الثناء عليهم {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}

    وأما عائشة رضي الله عنها فما كان بينها وبين عليٍّ رضي الله عنه إلا كما يكون بين المرأة وأحمائها، ومن زعم أن أحدهما كان مبغضاً للآخر فقد افترى على الله الكذب؛ ويدل على ذلك أنه قد تتابع الثناء من كل منهما على صاحبه، أخرج الإمام الطبري في تاريخه (4/544): (.. وجهز عليٌ عائشة بكل شيء ينبغي لها من مركب أو زاد أو متاع … فخرجت على الناس وودعوها وودعتهم وقالت: يا بَنيَّ نعتب بعضنا على بعض استبطاءً واستزادة، فلا يعتدن أحدٌ منكم على أحد بشيء بلغه من ذلك، إنه والله ما كان بيني وبين عليٍّ في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه عندي على معتبتي من الأخيار. وقال عليٌّ: يا أيها الناس، صدقت والله وبرت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة) ولما جاء بعض الناس يتناول أم المؤمنين بالسوء قال له عليٌّ رضي الله عنه «اخرج منبوذاً مقبوحا، والله إنها لزوجته في الدنيا والآخرة»

    وأما هذه الرواية التي أوردها هذا الرافضي فإنه مقدَّم عليها رواية الإمام البخاري في الصحيح (فخرج وهو بين الرجلين تخطّ رجلاه في الأرض بين عبّاس بن عبد المطلب وبين رجل آخر، قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله بالذي قالت عائشة، فقال لي عبد الله بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسمِّ عائشة؟ قال: قلت لا، قال ابن عباس: هو عليّ) هذه هي رواية البخاري رحمه الله، وأما الزيادة التي طار بها هذا الرافضي وهش لها؛ فقد حكم عليها أهل العلم بالشذوذ لتفرُّد معمر بن راشد ويونس بن يزيد الأيلي بها عن الزهري ولمخالفتهم لباقي من روى هذا الحديث عن الزهري وهم عقيل بن خالد عند البخاري (6/14)، ومسلم (1/312-313)، وشعيب بن أبي حمزة عند البخاري (1/61)، وسفيان بن عيينة عند الحميدي في (المسند) (233)، والامام أحمد (6/38)، وابن ماجة (1618)، ويعقوب بن عتبة عند ابن اسحق في (السيرة) – (سيرة ابن هشام) (4/298) – والبيهقي في (الدلائل) (7/174) – وانظر (البداية والنهاية) (5/225) – وهؤلاء جميعا لم يذكروا هذه الزيادة.

    وأما اتهام الشيعة لأئمة الإسلام – كأحمد بن حنبل والشيخين البخاري ومسلم – فليس بغريب عليهم؛ فقد اتهموا من هم أفضل وأكرم على الله؛ أعني الصحابة الكرام رضي الله عنهم؛ فرموهم بالكذب والبهتان والخيانة بل بالكفر عياذاً بالله، ولا غرابة فدين القوم قائم على الكذب، وإذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه، وهم لا يستحون من الكذب المفضوح حتى إنهم– قاتلهم الله – قد كذبوا على عائشة رضي الله عنها حين زعموا أنها خرت لله ساجدة حين بلغ مقتل علي!!! {سبحانك هذا بهتان عظيم}

    وأما افتراؤهم على البخاري ومسلم فيدلك عليه أن الشيخين في صحيحيهما قد رويا الأحاديث الدالة على مناقب عليٍّ رضي الله عنه جنباً إلى جنب مع الأحاديث الدالة على مناقب أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم؛ لكن لعل القوم يريدون من الشيخين – حتى ينالا رضاهم – أن يذكروا في صحيحيهما الخرافات والأباطيل والترهات التي يتعلقون بها ويدندنون حولها من جنس ما أورده الكليني في (الكافي) أن علياً عنده علم ما كان وما يكون، وأنه خير من موسى الكليم.. الخ تلك الأكاذيب

  • سحر التفريق

    أرجو إفادتي كيف للشخص أن يعرف أنه مصاب بسحر التفرقة؟ وهل يقع طلاق الشخص المصاب بسحر التفرقة إذا أتى الشخص المصاب بسحر التفرقة بكناية من كنايات الطلاق ولا يدري عندما أتى بالكناية هل كانت عنده نية أم لا؟

    وما هو حكم من أتى بكلمة تدل على إنشاء الطلاق في ثورة غضب؟ علماً بأننا وجدنا العمل ببيتي بعد طلاقي بالكناية؟ وأريد أن أعرف هل هو سحر تفرقة أم سحر عادي؟ بارك الله فيكم وأثابكم خير الثواب

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فأعراض السحر تختلف باختلاف نوعه؛ فإذا كان سحراً للتفريق بين زوجين مثلاً، فمن أعراضه الكره الشديد من الزوج لزوجته أو العكس، وإذا كان سحراً للتأثير على استيعاب المرء لدروسه مثلاً فمن أعراضه الشرود في الذهن كلما فتح كتاباً ليقرأه، والشعور بالخمول والكسل أو الصداع وزيغ البصر، وأما الأعراض العامة فتتمثل في ضيق الصدر والشعور بالحزن والاكتئاب؛ خاصة عند سماع القرآن وذكر الله تعالى، وقد يصحب ذلك ـ عند قراءة سور معينة ـ خفقان القلب وحصول الرعشة اللا إرادية، وقد ينعكس هذا على صلة الإنسان بمن يحيطون به في عصبية مزاجه وسرعة غضبه واضطراب علاقاته، إلى غير ذلك من العلامات، التي تستوجب ممن يشعر بها أن يسارع في طلب العلاج؛ لأن الله تعالى ما أنزل داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله، ويكون فك السحر بأن يزول أثره عن المسحور، وذلك بقراءة الرقية الشرعية من فاتحة الكتاب وأوائل البقرة وآية الكرسي وآية هاروت وماروت {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان..} وقوله تعالى {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} وخواتيم البقرة، وكذلك آيات السحر في الأعراف ويونس وطه والشعراء مع الإخلاص والمعوذتين، وتكون القراءة إما مباشرة على المسحور وهذا هو الأفضل إن تيسر، وتكون كذلك في ماء يشربه أو عسل يأكله أو زيت يدَّهن به.

    ومن الكتب النافعة التي يمكن الاستعانة بها في ذلك كتاب (إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان) لأبي عبد الله بن القيم رحمه الله تعالى، وكذلك كتاب (الصارم البتار على السحرة الأشرار) للشيخ وحيد بن عبد السلام بالي حفظه الله تعالى، وكتاب (احذروا السحر والسحرة) للشيخ العلامة سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله تعالى، وكتاب (السحر بين الماضي والحاضر) للدكتور محمد بن إبراهيم الحمد حفظه الله تعالى، وكتاب (كيف تتخلص من السحر) للشيخ عبد الله الطيار حفظه الله تعالى.

    أما الذي لا يدري إن كان يريد بلفظ الكناية الطلاق أم غيره، فلا يقع بذلك اللفظ طلاق؛ لأن الأصل بقاء عصمة الزوجية، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، ولا يقين ها هنا، وأما من نطق بالطلاق صراحة في ثورة غضبه فإنه ينظر في حاله فإن كان غضبه قد حصل معه الإغلاق بمعنى أنه لا يدري ما يقول، فمثل هذا لا يقع طلاقه إجماعاً، وأما إن كان غضبه دون ذلك فإن عليه مراجعة المفتي في مجمع الفقه الإسلامي من أجل أن يشافهه بالحالة التي كان عليها عند تلفظه بالطلاق، ومن ثم تكون الفتوى على بينة، والله تعالى أعلم.

  • زنا بامرأة متزوجة وأنجب منها

    السلام عليكم؛ لى صديق قد زنا من امرأة متزوجة وحملت منه وأنجبت بنتاً وعمرها الآن حوالى ثلاث سنوات وزوجها لا يعلم أنها ليست منه مع العلم أنه قد تاب توبة نصوحاً من الزنا وكل المعاصى بسبب هذا الأمر .. ولكن إحساس الذنب لا يفارقه وقد أخبرنى بأنه لابد له من أن يخبر زوجها بالحقيقة ونصحته بأن ذلك سيعقد الأمور أكثر.. فبماذا تنصحونه؟ وما هو المخرج؟ سؤالي هل يخبره بالحقيقة؟ وهل له توبة؟ وما هي كفارة مثل ذلك العمل؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فهذا الرجل قد قارف كبيرة من أعظم الكبائر؛ حيث وقع في الزنا الذي هو أعظم الذنوب بعد الشرك بالله وقتل النفس؛ ثم إن هذا الزنا قد وقع مع امرأة متزوجة؛ فتضاعف الإثم بذلك حيث دنس فراش ذلك الرجل ونسب إليه من ليس منه، وأفسد عليه زوجته، لكن من تاب تاب الله عليه، مهما كان ذنبه؛ فالله تعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى، وقد قال سبحانه لمن ارتكب ذنباً أعظم من الزنا وهو الكفر {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} والحمد لله الذي وفق صاحبك لتوبة نصوح، وما ينبغي له أن يخبر ذلك الرجل بما كان؛ لما في ذلك من كشف ستر الله عليه وفضيحة تلك المرأة المسلمة، وتعكير حياة ذلك الرجل وإفساد أمره، ثم إن تلك البنت تنسب لذلك الرجل صاحب الفراش؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش وللعاهر الحجر” متفق عليه، وعلى صاحبك هذا أن يكثر من الاستغفار وعمل الصالحات ويحسن إلى ذلك الرجل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، والله الموفق والمستعان.

  • رؤية الهلال بالتلسكوب

    هل تكون رؤية الهلال بالعين المجردة فقط أم يعتمد التلسكوب؟ وجزاكم الله خيرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالمطلوب من المسلم أن يستخدم كل وسيلة متاحة ويسخرها في طاعة الله تعالى؛ فمثلما استخدم الناس مكبرات الصوت ووسائل الكهرباء والتبريد في مساجدهم، واستخدموا السيارات والطيارات للوصول إلى البيت الحرام في نسكهم؛ عملاً بقول تعالى {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} وقوله سبحانه {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه} كذلك عليهم أن يستخدموا ما يقرب رؤية الهلال ويعينهم على ذلك، والله تعالى أعلم.

  • الولاية على مال الصغير

    توفي شقيقي ولديه بنتين من زوجته الاولى والتي طلقها، 26 سنة و24 سنة، وعندما توفي كان متزوج امرأة ثانية ولديه منها بنت 14 سنة، وبنت 12 سنة، وولد 9 سنوات، والولد مصاب بالتوحد، السؤال عن وضع الولاية والوصاية والميراث

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    أما بالنسبة للميراث فإن للزوجة الثمن، وما بقي يكون للأولاد جميعاً للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا تأثير لكون بعضهم مريضاً أو صغيراً.

    وأما الولاية؛ فإنها تَشْمَل قِيَامَ شَخْصٍ كَبِيرٍ رَاشِدٍ عَلَى شَخْصٍ قَاصِرٍ فِي تَدْبِيرِ شُؤُونِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ. وهذه الولاية إذا قصد بها تدبير أمر المال فقد ذهب الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَوْلَى الأْوْلِيَاءِ الأْبُ، ثُمَّ وَصِيُّهُ، ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ وَصِيُّهُ، ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ، ثُمَّ الْقَاضِي، ثُمَّ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَهُوَ وَصِيُّ الْقَاضِي، وَلَيْسَ لِمَنْ سِوَى هَؤُلاَءِ مِنَ الأْمِّ وَالأْخِ وَالْعَمِّ وَغَيْرِهِمْ وِلاَيَةُ التَّصَرُّفِ عَلَى الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ، لأِنَّ الأْخَ وَالْعَمَّ قَاصِرَا الشَّفَقَةِ، وَفِي التَّصَرُّفَاتِ تَجْرِي جِنَايَاتٌ لاَ يَهْتَمُّ لَهَا إِلاَّ ذُو الشَّفَقَةِ الْوَافِرَةِ، وَالأْمُّ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا وُفُورُ الشَّفَقَةِ لَكِنْ لَيْسَ لَهَا كَمَال الرَّأْيِ لِقُصُورِ عَقْل النِّسَاءِ عَادَةً فَلاَ تَثْبُتُ لَهُنَّ وِلاَيَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَال.

    وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: هِيَ لِلأْبِ ثُمَّ وَصِيِّهِ ثُمَّ وَصِيِّ الْوَصِيِّ وَإِنْ بَعُدَ، ثُمَّ لِلْحَاكِمِ أَوْ وَصِيَّهِ، وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْجَدِّ وَلاَ لِلأْخِ وَلاَ لِلْعَمِّ إِلاَّ بِإِيصَاءٍ مِنَ الأْبِ.

    وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْوِلاَيَةُ لِلأْبِ ثُمَّ لِلْجَدِّ، ثُمَّ لِمَنْ يُوصِي إِلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمَا، ثُمَّ لِلْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ لِخَبَرِ: السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ، وَلاَ تَلِي الأْمُّ فِي الأْصَحِّ كَوِلاَيَةِ النِّكَاحِ، وَمُقَابِل الأْصَحِّ تَلِي بَعْدَ الأْبِ وَالْجَدِّ وَتُقَدَّمُ عَلَى وَصِّيهِمَا لِكَمَال شَفَقَتِهَا، وَلاَ وِلاَيَةَ لِسَائِرِ الْعَصَبَاتِ كَالأْخِ وَالْعَمِّ.

    وَقال الحنابلة: لاَ وِلاَيَةَ لِلْجَدِّ وَالأْمِّ وَبَاقِي الْعَصَبَاتِ.

    فالخلاصة أن المذاهب الأربعة متفقة على أنه لا ولاية للعم في مال الصغير؛ وكذلك هي متفقة على أنه لا ولاية للأم إلا وجهاً عند الشافعية ليس هو الأصح.

    وأما ولاية النكاح فإن العم ولي للبكر في حال عدم وجود الأب ولا أبيه ولا الأخ؛ فيكون العم هو ولي الفتاة حال نكاحها، والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى